للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْمُرِ مَوَالِيَ بَرِيرَةَ بِإِعْطَائِهَا مِمَّا قَبَضُوا شَيْئًا وَإِنْ كَانُوا قَدْ بَاعُوهَا لِلْعِتْقِ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ فَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ أَهْلِ النَّظَرِ مِنْ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ إِلَى أَنَّ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ لَمْ يُرِدْ بِهِ سَيِّدَيِ الْمُكَاتَبَيْنِ وَإِنَّمَا هُوَ خِطَابٌ عَامٌّ لِلنَّاسِ مَقْصُودٌ بِهِ إِلَى مَنْ آتَاهُ اللَّهُ مَالَا تَجِبُ فِيهِ زَكَاةٌ فَأَعْلَمَ اللَّهُ عِبَادَهُ أَنَّ وَضْعَ الزَّكَاةِ فِي الْعَبْدِ الْمُكَاتَبِ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ الْعَجْزُ وَخَصَّهُ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْعَبِيدِ بِذَلِكَ فَجَعَلَ لِلْمُكَاتَبِينَ حَقًّا فِي الزِّكْوَاتِ بِقَوْلِهِ وَفِي الرِّقَابِ قَالُوا وَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ الَّذِي يَجِبُ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ فِي الْإِيتَاءِ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَةِ لِأَنَّ وَضْعَ بَعْضِ الْكِتَابَةِ لَا تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ إِيتَاءً وَالْإِيتَاءُ هُوَ إِعْطَاءُ مَا تَتَنَاوَلُهُ الْأَيْدِي بِالدَّفْعِ وَالْقَبْضِ هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَهْلِ اللِّسَانِ قَالُوا وَلَوْ أَرَادَ الْوَضْعَ عَنِ الْمُكَاتَبِ لَقَالَ ضَعُوا عَنْهُمْ أَوْ فَأَعِينُوهُمْ بِهِ بَلْ هُوَ مِنْ مَالٍ غَيْرِ الْكِتَابَةِ وَمَعْرُوفٌ فِي نِظَامِ الْقُرْآنِ أَنْ يُسْبَقَ بِضَمِيرٍ عَلَى غَيْرِهِ كَمَا قَالَ وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ وَالْمَأْمُورُ بِتَرْكِ الْعَضَلِ الْأَوْلِيَاءُ لَا الْمُطَلِّقُونَ ومثله قوله أولئك مبرؤون مما يقولون والمبرؤون غَيْرُ الْقَائِلِينَ وَهَذَا كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>