اللَّهِ قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ هَذَا (فِي) الشُّعَرَاءِ فَنَزَلَتْ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْتُمْ هُمْ وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْتُمْ هُمْ وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الشِّعْرَ لَا يَضُرُّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ حَقًّا وَأَنَّهُ كَالْكَلَامِ الْمَنْثُورِ يُؤْجَرُ مِنْهُ الْمَرْءُ عَلَى مَا يُؤَجَرُ مِنْهُ وَيُكْرَهُ لَهُ مِنْهُ مَا يُكْرَهُ مِنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا فَأَحْسَنُ مَا قِيلَ فِي تَأْوِيلِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ الَّذِي قَدْ غَلَبَ الشِّعْرُ عَلَيْهِ فَامْتَلَأَ صَدْرُهُ مِنْهُ دُونَ عِلْمٍ سِوَاهُ وَلَا شَيْءَ مِنَ الذِّكْرِ غَيْرُهُ مِمَّنْ يَخُوضُ بِهِ فِي الْبَاطِلِ وَيَسْلُكُ بِهِ مَسَالِكَ لَا تُحْمَدُ لَهُ كَالْمُكْثِرِ مِنَ الْهَذْرِ وَاللَّغَطِ وَالْغِيبَةِ وَقَبِيحِ الْقَوْلِ وَلَا يَذْكُرُ اللَّهَ كَثِيرًا وَهَذَا كُلُّهُ مِمَّا اجْتَمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى مَعْنَى مَا قُلْتُ مِنْهُ وَلِهَذَا قُلْنَا فِيمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ وَالشَّعْبِيِّ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمَا مِنَ الْعُلَمَاءِ الشِّعْرُ كَلَامٌ فَحَسَنَهُ حَسَنٌ وَقَبِيحُهُ قَبِيحٌ أَنَّهُ قَوْلٌ صَحِيحٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ فَرَفَعَ بِلَالٌ عَقِيرَتَهُ فَمَعْنَاهُ رَفَعَ بِالشِّعْرِ صَوْتَهُ كَالْمُتَغَنِّي بِهِ تَرَنَّمًا وَأَكْثَرُ مَا تَقُولُ الْعَرَبُ رَفَعَ عَقِيرَتَهُ لِمَنْ رَفَعَ بِالْغِنَاءِ صَوْتَهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ بِإِنْشَادِ الشِّعْرِ مُبَاحٌ أَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُنْكِرْ عَلَى بِلَالٍ رَفْعَ عَقِيرَتِهِ بِالشِّعْرِ وَكَانَ بِلَالٌ قَدْ حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ شِدَّةُ تَشَوُّقِهِ إِلَى وَطَنِهِ فَجَرَى فِي ذَلِكَ عَلَى عَادَتِهِ فَلَمْ يُنْكِرْ رَسُولُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute