وَكَانَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ فِيمَا ذَكَرَ ابْنُ جريج عن الحرث بن أبي الحرث عَنْهُ يَقُولُ يُفْتَنُ رَجُلَانِ مُؤْمِنٌ وَمُنَافِقٌ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيُفْتَنُ سَبْعًا وَأَمَّا الْمُنَافِقُ فَيُفْتَنُ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا قَالَ أَبُو عُمَرَ الْآثَارُ الثَّابِتَةُ فِي هَذَا الْبَابِ إِنَّمَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْفِتْنَةَ فِي الْقَبْرِ لَا تَكُونُ إِلَّا لِمُؤْمِنٍ أَوْ مُنَافِقٍ مِمَّنْ كَانَ فِي الدُّنْيَا مَنْسُوبًا إِلَى أَهْلِ الْقِبْلَةِ وَدِينِ الْإِسْلَامِ مِمَّنْ حُقِنَ دَمُهُ بِظَاهِرِ الشَّهَادَةِ وَأَمَّا الْكَافِرُ الْجَاحِدُ الْمُبْطِلُ فَلَيْسَ مِمَّنْ يُسْأَلُ عَنْ رَبِّهِ وَدِينِهِ وَنَبِيِّهِ وَإِنَّمَا يُسْأَلُ عَنْ هَذَا أَهْلُ الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ الْآيَةَ وَأَمَّا مَا جَاءَ مِنَ الْآثَارِ فِي أَنَّ الْيَهُودَ تُعَذَّبُ فِي قُبُورِهَا فَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ مَعَ بِلَالٍ عَلَى الْبَقِيعِ فَقَالَ أَلَا تَسْمَعُ مَا أَسْمَعُ يَا بِلَالُ قَالَ لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَسْمَعُ قَالَ أَمَا تَسْمَعُ أَهْلَ الْقُبُورِ يُعَذَّبُونَ يَعْنِي قُبُورَ الْجَاهِلِيَّةِ فَهَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَذَابٌ غَيْرُ الْفِتْنَةِ وَالِابْتِلَاءِ الَّذِي يَعْرِضُ الْمُؤْمِنَ وَإِنَّمَا هَذَا عَذَابٌ وَاصِبٌ لِلْكُفَّارِ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ فَيَصِيرُونَ إِلَى النَّارِ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا ءال فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ عَذَابُ الْقَبْرِ غَيْرَ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَعِيذُ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ النَّارِ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ عَذَابَ الْقَبْرِ غَيْرُ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ الْفِتْنَةَ قَدْ تَكُونُ فِيهِ النَّجَاةُ وَقَدْ يُعَذَّبُ الْكَافِرُ فِي قَبْرِهِ عَلَى كُفْرِهِ دُونَ أَنْ يُسْأَلَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute