قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَخْتَلِفْ فِيمَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ مِنَ الْأَعْيَانِ الْمَغْصُوبَاتِ وَكَذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ مَنْ غَصَبَ أَرْضًا فَزَرَعَهَا أَوِ اكْتَرَاهَا أَوْ غَصَبَ دَارًا فَسَكَنَهَا أَوْ أَكْرَاهَا ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَبَّهَا أَنَّ عَلَى الْغَاصِبِ كِرَاءَ مَا سَكَنَ ورد ما أخذ في الكراء واختلف قوله إذا غضبها فَلَمْ يَسْكُنْهَا وَلَمْ يَزْرَعِ الْأَرْضَ وَعَطَّلَهَا فَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ فِيمَا لَمْ يَسْكُنْ وَلَمْ يُكْرِ وَلَمْ يَزْرَعْ شَيْءٌ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّ عَلَيْهِ كِرَاءَ ذَلِكَ كُلِّهِ وَاخْتَارَهُ الْوَقَّارُ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمِنْ حُجَّتِهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ وَأَمَّا الْعُرُوضُ وَالْحَيَوَانُ وَالثِّيَابُ فَلَيْسَ هَذَا الْبَابُ مَوْضِعَ ذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَا عُرِفَ مِلْكًا لِمَالِكٍ غَيْرَ مُنْقَطِعٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِحْيَاؤُهُ وَمِلْكُهُ لِأَحَدٍ غَيْرِ أَرْبَابِهِ إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي إِحْيَاءِ الْأَرْضِ الْمَوَاتِ بِغَيْرِ أَمْرِ السُّلْطَانِ فَذَهَبَ الْكُوفِيُّونَ إِلَى أَنَّهَا إِنَّمَا تُحْيَى بِأَمْرِ الْإِمَامِ وَسَوَاءً عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ مَا قَرُبَ مِنَ الْعُمْرَانِ وَمَا بَعُدَ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ مَالِكٌ أَمَّا مَا كَانَ قَرِيبًا مِنَ الْعُمْرَانِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا فَلَا يُحَازُ وَلَا يُعَمَّرُ إِلَّا بإذن الإمام وأماما كَانَ فِي فَيَافِي الْأَرْضِ فَلَكَ أَنْ تُحْيِيَهُ بِغَيْرِ إِذْنِ الْإِمَامِ قَالَ وَالْإِحْيَاءُ فِي مَيِّتِ الْأَرْضِ شَقُّ الْأَنْهَارِ وَحَفْرُ الْآبَارِ وَالْبِنَاءِ وَغَرْسُ الشَّجَرِ وَالْحَرْثِ فَمَا فُعِلَ مِنْ هَذَا كُلِّهِ فَهُوَ إِحْيَاءٌ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ وَلَوْ نَزَلَ قَوْمٌ أَرْضًا مِنْ أَرْضِ الْبَرِّيَّةِ فَجَعَلُوا يَرْعُونَ مَا حَوْلَهَا فَذَلِكَ إيحاء وَهُمْ أَحَقُّ بِهَا مِنْ غَيْرِهِمْ مَا أَقَامُوا عَلَيْهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يَعْرِفُ مَالِكٌ التَّحْجِيرَ إِحْيَاءً وَلَا مَا قِيلَ مِنْ حِجْرِ أَرْضًا وَتَرْكِهَا ثَلَاثَ سِنِينَ فَإِنْ أَحْيَاهَا وَإِلَّا فَهِيَ لِمَنْ أَحْيَاهَا لَا يَعْرِفُ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute