للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي حَدِيثِ مَالِكٍ هَذَا مِنَ الْفِقْهِ قَصْرُ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ وَفِيهِ أَنَّ الْإِمَامَ الْمُسَافِرَ لَا يُتِمُّ بِمِنًى وَهَذَا إِذَا لَمْ يَنْوِ إِقَامَةً فَإِنْ نَوَى إِقَامَةً لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ وَهَذَا عِنْدَنَا إِذَا نَوَى إِقَامَةَ أَرْبَعٍ فَمَا عَدَا وَفِيهِ أَنَّ عُثْمَانَ أَتَمَّ بَعْدَ تَقْصِيرِهِ وَعِلْمِهِ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ قَصَّرُوا فِي مِثْلِ مَا أَتَمَّ هُوَ فِيهِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى إِبَاحَةِ الْقَصْرِ وَالتَّمَامِ عِنْدَهُ وَقَدْ تَأَوَّلَ قَوْمٌ عَلَى عُثْمَانَ فِي إِتْمَامِهِ ذَلِكَ تَأْوِيلَاتٍ مِنْهَا أَنَّهُ نَوَى الْإِقَامَةَ وَاتَّخَذَ دَارًا بِمَكَّةَ وَأَهْلًا وَهَذَا لَا يُعْرَفُ بَلِ الْمَعْرُوفُ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهَا أَهْلٌ وَلَا مَالٌ وَقِيلَ كَانَ قَدِ اتَّخَذَ أَهْلًا بِالطَّائِفِ وَقِيلَ لِأَنَّهُ كَانَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَكَانَتْ أَعْمَالُهُ كَأَنَّهَا دَارُهُ وَهَذَا عَلَّهُ لَا يَصِحُّ فِي نَظَرٍ وَلَا يَثْبُتُ فِي خَبَرٍ وَقَدْ كَانَ الْمُقَامُ بِمَكَّةَ بَعْدَ تَمَامِ الْحَجِّ عِنْدَ عُثْمَانَ مَكْرُوهًا عَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُمْ فِيمَا بَعْدَ تَمَامِ حَجَّتِهِ وَلَا أَبُو بَكْرٍ وَلَا عُمَرُ وَلِهَذَا قَالَ (مَنْ قَالَ) مِنَ السَّلَفِ الْجِوَارُ بِمَكَّةَ بِدْعَةٌ وَقَدْ ذَكَرَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ كَانَ إِذَا اعْتَمَرَ رُبَّمَا لَمْ يَحْطُطْ عَنْ رَاحِلَتِهِ حَتَّى يَرْجِعَ وَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَتَّخِذْ بِمَكَّةَ أَهْلًا قَطُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمِنْهَا أَنَّهُ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ أَعْرَابِيٍّ صَلَّى مَعَهُ فَقَصَّرَ الْعَامَ كُلَّهُ فِي أَهْلِهِ ثُمَّ أَخْبَرَهُ مِنْ قَابِلٍ بِمَا صَنَعَ فَعَزَّ عَلَى عُثْمَانَ فِعْلُهُ ذَلِكَ فَأَتَمَّ وَهَذَا أَيْضًا ضَعِيفٌ مِنَ التَّأْوِيلِ وَمِنْهَا أَنَّهُ أَخَذَ بِالْإِبَاحَةِ فِي ذَلِكَ وَهَذَا أَصَحُّ مَا فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي قَصْرِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ وَفِي أَحْكَامِهَا وَاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِيهَا بِمِنًى وَغَيْرِهَا مُمَهَّدًا مَبْسُوطًا بِعِلَلِ كُلِّ فِرْقَةٍ وَوُجُوهِ قَوْلِهَا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ آلِ خَالِدِ بْنِ أُسَيْدٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَفِي بَابِ صَالِحِ بْنِ كيسان أيضا فلا معنى لتكرير ذلك ههنا

<<  <  ج: ص:  >  >>