للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو عُمَرَ فَأَكْثَرُ أَحْوَالِ حَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا عِنْدَ الْمُخَالِفِ أَنْ يَجْعَلَ مُتَعَارِضًا فَلَا يُوجِبُ حُكْمًا وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَتْ رِوَايَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ تَقْضِي عَلَى ذَلِكَ فَكَيْفَ وَرِوَايَةُ مَنْ رَوَى أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يُصَلِّي بِصَلَاةِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ فِيهَا بَيَانٌ وَزِيَادَةٌ يَجِبُ قَبُولُهَا وَهِيَ مُفَسِّرَةٌ وَرِوَايَةُ مَنْ رَوَى أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ الْمُقَدَّمَ مُجْمَلَةٌ مُحْتَمِلَةٌ لِلْتَأَوِيلِ لِأَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ تَكُونَ صَلَاةً أُخْرَى وَلَوْ صَحَّ أَنَّهَا كَانَتْ صَلَاةً وَاحِدَةً كَانَ فِي رِوَايَةِ مَنْ رَوَى عَنْ عَائِشَةَ وَغَيْرِهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ الْمُقَدَّمَ زِيَادَةُ بَيَانٍ لِأَنَّهُ قَدْ أَثْبَتَ مَا قَالَ غَيْرُهُ مِنْ تَقَدُّمِ أَبِي بَكْرٍ وَزَادَ تَأَخُّرَهُ وَتَقَدُّمَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْ رَوَى أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ الْمُقَدَّمَ لَمْ يَحْفَظْ قِصَّةَ تأخره وتقدم رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ وَتَقْدِيرُ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ جَمَاعَتُهُمْ رَأَوْا أَبَا بَكْرٍ فِي حَالِ دُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ فَلَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَانْتَهَى إِلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَالصُّفُوفُ كَثِيرَةٌ عَلِمَ مَنْ قَرُبَ تَغَيُّرَ حَالِ أَبِي بَكْرٍ وَانْتِقَالَ الْإِمَامَةِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ مَنْ بَعُدَ فَلِهَذَا قُلْنَا إِنَّ مَنْ نَقَلَ انْتِقَالَ الْإِمَامَةِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علم مَا خَفِيَ عَلَى مَنْ قَالَ إِنَّ الْإِمَامَ كَانَ أَبَا بَكْرٍ وَقَدْ يَحْتَمِلُ وَجْهًا آخَرَ وَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ الْقَائِلُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ الْإِمَامَ يَعْنِي كَانَ إِمَامًا فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ وَزَادَ الْقَائِلُ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِمَامًا يَعْنِي أَنَّهُ كَانَ إِمَامًا فِي آخِرِ تِلْكَ الصَّلَاةِ هَذَا لَوْ صَحَّ أَنَّهَا كَانَتْ صَلَاةً وَاحِدَةً وَلَوْ جَازَ أَنْ يَكُونَ رِوَايَةُ عَائِشَةَ مُتَعَارِضَةً لَكَانَتْ رِوَايَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّتِي لَمْ يُخْتَلَفْ فِيهَا قَاضِيَةً فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى حَدِيثِ عَائِشَةَ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَذَلِكَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ أن أَبَا بَكْرٍ كَانَ يُصَلِّي بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَقْتَدِي بِهِ وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ كَمَا قَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ فَبَانَ بِرِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الصَّحِيحَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ الْوَجْهُ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ لِأَنَّهُ يُعَضِّدُهُ وَيَشْهَدُ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>