وَقَالَ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ سُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الْجَارِيَةِ نِصْفُهَا حُرٌّ وَنِصْفُهَا مَمْلُوكٌ يَخْطُبُهَا الْعَبْدُ فتأبى أن تتزوجه فيسئلها سَيِّدُهَا ذَلِكَ فَتُطَاوِعُهُ ثُمَّ تُعْتَقُ بَعْدَ ذَلِكَ أَتَرَى لَهَا الْخِيَارَ قَالَ نَعَمْ إِنِّي لَأَرَى ذَلِكَ لَهَا فَقِيلَ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تَأْبَى التَّزْوِيجَ وَلَا يُكْرِهُهَا سَيِّدُهَا عَلَى ذَلِكَ قَالَ بَلَى قِيلَ لَهُ فَكَيْفَ يَكُونُ لَهَا الْخِيَارُ قَالَ هِيَ فِي حَالِهَا حَالُ أَمَةٍ وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَنَّ أَمَةً لَيْسَ فِيهَا عِتْقٌ طَلَبَتْ إِلَى سَيِّدِهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا عَبْدًا فَفَعَلَ فَزَوَّجَهَا فَلَهَا الْخِيَارُ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ هَذِهِ لَوْ شَاءَتْ لَمْ تَفْعَلْ وَالْأُخْرَى لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تَأْبَى وَهَذِهِ قَدْ طَاوَعَتْ وَلَمْ يَكُنْ لِيُجْبِرَهَا عَلَى النِّكَاحِ قَالَ لَكِنَّهَا فِي حَالِهَا كُلِّهَا فِي حُدُودِهَا وَكَشْفِ شَعْرِهَا كَالْأَمَةِ فَمَا أَرَى إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا الْخِيَارُ وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي الْأَمَةِ تُعْتَقُ تَحْتَ الْحُرِّ فَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ لَهَا الْخِيَارُ حُرًّا كَانَ زَوْجُهَا أَوْ عَبْدًا وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَنَّ الْأَمَةَ لَمْ يَكُنْ لَهَا فِي إِنْكَاحِهَا رَأْيٌ مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا كَانَتْ أَمَةً فَلَمَّا عُتِقَتْ كَانَ لَهَا الْخِيَارُ أَلَا تَرَى إِلَى إِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ الْأَمَةَ يُزَوِّجُهَا سَيِّدُهَا بِغَيْرِ إِذْنِهَا مِنْ أَجْلِ أُمُوَّتِهَا فَإِذَا كَانَتْ حُرَّةً كَانَ لَهَا الْخِيَارُ قَالُوا وَقَدْ وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَخْيِيرِ بريرة عند عِتْقِهَا مَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَلَمْ يَقُلْ لَهَا إِنَّ خِيَارَكِ إِنَّمَا وَجَبَ لَكِ مِنْ أَجْلِ أَنَّ زَوْجَكِ عَبْدٌ فَوَاجِبٌ لَهَا الْخِيَارُ أَبَدًا مَتَى مَا عُتِقَتْ تَحْتَ حُرٍّ وَتَحْتَ عَبْدٍ عَلَى عُمُومِ الْحَدِيثِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute