للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا الْمُسْلِمُ إِذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ النَّصْرَانِيَّ فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ لَهُ وَلَاءَهُ وَأَنَّهُ يَرِثُهُ إِنْ أَسْلَمَ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ مِنْ نَسَبِهِ يَحْجُبُهُ فَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ وَهُوَ نَصْرَانِيٌّ فَلَا خِلَافَ عَلِمْتُهُ أَيْضًا بَيْنَ الْفُقَهَاءِ أَنَّ مَالَهُ يُوضَعُ فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ وَيَجْرِي مَجْرَى الْفَيْءِ إِلَّا مَا ذَكَرَهُ أَشْهَبُ عَنِ الْمَخْزُومِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ عَنْهُ إِنَّ مِيرَاثَهُ لِأَهْلِ دِينِهِ قَالَ فَإِنْ أَسْلَمَ النَّصْرَانِيَّ مِيرَاثَهُ وَلَمْ يَطْلُبُوهُ وَلَا طَلَبَهُ مِنْهُمْ طَالِبٌ أَدْخَلْنَاهُ بَيْتَ مَالِ الْمُسْلِمِينَ مَعْزُولًا وَلَا يَكُونُ فَيْئًا حَتَّى يَرِثَهُ اللَّهُ أَوْ يَأْتِيَ لَهُ طَالِبٌ وَهَذَا عِنْدِي لَا وَجْهَ لَهُ إِلَّا كَوْنُ الْكُفَّارِ بَعْضِهِمْ أَوْلِيَاءَ بعض كما أن المسلمون بَعْضَهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالصَّحِيحُ فِي ذَلِكَ مَا قَالَهُ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ يُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّ وَلَاءَهُ قَدْ ثَبَتَ لِلْمُسْلِمِينَ وِلَايَةَ نَسَبٍ وَهِيَ أَقْعَدُ مِنْ وِلَايَةِ الدِّينِ فِي وَجْهِ الْمَوَارِيثِ إِلَّا أَنَّ الشَّرِيعَةَ مَنَعَتْ مِنَ التَّوَارُثِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ فَكَانَ هَذَا النَّصْرَانِيُّ الْمُعْتَقُ قَدْ تَرَكَ مَالًا لَا وَارِثَ لَهُ وَلَهُ أَصْلٌ فِي الْمُسْلِمِينَ عُدِمَ مُسْتَحِقُّهُ بِعَيْنِهِ فَوَجَبَ أَنْ يُصْرَفَ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَيُوقَفَ فِي بَيْتِ مَالِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا الْحَرْبِيُّ يُعْتِقُ مَمْلُوكَهُ ثُمَّ يَخْرُجَانِ مُسْلِمَيْنِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَأَصْحَابَهُ قَالُوا لِلْعَبْدِ أَنْ يُوَالِيَ مَنْ شَاءَ وَلَا يَكُونُ وَلَاؤُهُ لِلْمُعْتِقِ وَكَذَلِكَ عِنْدَهُمْ كُلُّ كَافِرٍ أَعْتَقَ كَافِرًا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ مَوْلَاهُ يَرِثُهُ إِذَا أَسْلَمَ وَاسْتَحْسَنَهُ أَبُو يُوسُفَ وَهُوَ قياس قول

<<  <  ج: ص:  >  >>