وَكَمَا قَالَ زُهَيْرٌ لَعِبَ الزَّمَانُ بِهَا وَغَيَّرَهَا بَعْدِي سُوَافِي الْمَوْرِ وَالْقَطْرِ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ كَانَ الْوَجْهُ الْقَطْرُ بِالرَّفْعِ وَلَكِنْ جَرَّهُ عَلَى جِوَارِ الْمَوْرِ كَمَا قَالَتِ الْعَرَبُ هَذَا جُحْرُ ضَبٍّ خَرِبٍ فَجَّرَتْهُ وَإِنَّمَا هُوَ رَفْعٌ (وَخَفْضُهُ بِالْمُجَاوَرَةِ) وَمِنْ هَذَا قِرَاءَةُ أَبِي عَمْرٍو يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٍ بِالْجَرِّ لِأَنَّ النُّحَاسَ الدُّخَانُ فَعَلَى مَا ذَكَرْنَا تَكُونُ مَعْنَى الْقِرَاءَةِ بِالْجَرِّ النَّصْبُ وَيَكُونُ الْخَفْضُ عَلَى اللَّفْظِ لِلْمُجَاوِرَةِ وَالْمَعْنَى الْغَسْلُ وَقَدْ يُرَادُ بِلَفْظِ الْمَسْحِ الْغَسْلُ عِنْدَ الْعَرَبِ مِنْ قَوْلِهِمْ تَمَسَّحْتُ لِلصَّلَاةِ وَالْمُرَادُ الْغَسْلُ وَيُشِيرُ إِلَى هَذَا التَّأْوِيلِ كُلِّهِ قول النبي وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ
وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَالتَّأْوِيلِ جُمْهُورُ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَجَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالرَّأْيِ وَإِنَّمَا رُوِيَ مَسْحُ الرِّجْلَيْنِ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ وَبَعْضِ التَّابِعِينَ وَتَعَلَّقَ بِهِ الطَّبَرِيُّ وَذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحٍ فِي نَظَرٍ وَلَا أَثَرٍ
وَالدَّلِيلُ عَلَى وجوب غسل الرجلين قوله وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ فَخَوَّفَنَا بِذِكْرِ النَّارِ مِنْ مُخَالَفَةِ مُرَادِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يُعَذَّبُ بِالنَّارِ إِلَّا عَلَى تَرْكِ الْوَاجِبِ أَلَا تَرَى إِلَى مَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَرَأَى أَعْقَابَنَا تَلُوحُ فَقَالَ وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ
وَأَوْضَحُ مِنْ هَذَا مَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحرث وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ وَبُطُونِ الْأَقْدَامِ مِنَ النَّارِ
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَسْحَ لَيْسَ شَأْنُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute