للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو عُمَرَ احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ يَرَى أَنَّ الْغَنِيَّ لَا يَأْكُلُ اللُّقَطَةَ بَعْدَ الْحَوْلِ بِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْمَذْكُورِ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ بِقَوْلِهِ وَعَرِّفْهَا سَنَةً فَإِنْ عُرِفَتْ وَإِلَّا فَاخْلِطْهَا بِمَالِكَ قَالُوا فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ السَّائِلَ عَنْ حُكْمِ اللُّقَطَةِ وَالضَّالَّةِ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ كَانَ غَنِيًّا فَخَرَجَ الْجَوَابُ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ فَشَأْنَكَ بِهَا وَقَوْلِهِ فَاخْلِطْهَا بِمَالِكَ وَقَوْلِهِ وَلْتَكُنْ وَدِيعَةً عِنْدَكَ نَحْوَ هَذَا فَمَا رُوِيَ مِنِ اخْتِلَافِ أَلْفَاظِ النَّاقِلِينَ لِهَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْأَلْفَاظِ الْمُوجِبَةِ لَا تَكُونُ عِنْدَهُ مَرْفُوعَةً لِصَاحِبِهَا وَهِيَ تَفْسِيرُ مَعْنَى قَوْلِهِ شَأْنَكَ بِهَا وَحُجَّةُ مَنْ أَجَازَ لِلْغَنِيِّ أَكْلَهَا ظَاهِرُ الْحَدِيثِ بِقَوْلِهِ شَأْنَكَ بِهَا وَاخْلِطْهَا بِمَالِكَ وَلَمْ يَسْأَلْهُ أَفَقِيرٌ هُوَ أَمْ غَنِيٌّ وَلَا فَرْقَ لَهُ بَيْنَ الْفَقِيرِ وَالْغَنِيِّ وَلَوْ كَانَ بَيْنَ الْفَقِيرِ وَالْغَنِيِّ فَرْقٌ فِي حُكْمِ الشَّرْعِ لَبَيَّنَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْفَقِيرُ قَدْ يَكُونُ لَهُ مَالٌ لَا يُخْرِجُهُ إِلَى حَدِّ الْغِنَى فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لَهُ اخْلِطْهَا بِمَالِكَ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى انْطِلَاقِ يَدِهِ عَلَيْهَا بِمَا أَحَبَّ كَانْطِلَاقِ يَدِهِ فِي مَالِهِ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم في حديث عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَهُوَ أحق بها وإلا فهو مال الله يوتيه مَنْ يَشَاءُ وَهَذَا مَعْنَاهُ انْطِلَاقُ يَدِ الْمُلْتَقِطِ وَتَصَرُّفِهِ فِيهَا بَعْدَ الْحَوْلِ وَلَكِنَّهُ يَضْمَنُهَا إِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَاجِبٌ ذَلِكَ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُ مُسْتَهْلِكٌ مَالَ غَيْرِهِ وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ مَنِ اسْتَهْلَكَ مَالَ غَيْرِهِ وَأَنْفَقَهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>