للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبريدة الأسملي وَجَابِرٍ وَأَنَسٍ وَغَيْرِهِمْ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ تَرْكُ الْإِقْدَامِ عَلَى مَا فِي النَّفْسِ مِنْهُ شَكٌّ حَتَّى يُسْتَبْرَأَ ذَلِكَ بِالسُّؤَالِ وَالْبَحْثِ وَالْوُقُوفِ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَفِيهِ أَنَّ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ النَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ كَمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَهَذَا إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَأَمَّا فِي الْخَبَرِ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ عَنْ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يَجُوزُ النَّسْخُ فِي الْأَخْبَارِ الْبَتَّةَ بِحَالٍ لِأَنَّ الْمُخْبِرَ عَنِ الشَّيْءِ أَنَّهُ كَانَ أَوْ يَكُونُ إِذَا رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ لَمْ يَخْلُ مِنَ السَّهْوِ أَوِ الْكَذِبِ وَذَلِكَ لَا يُعْزَى إِلَى اللَّهِ وَلَا إِلَى رَسُولِهِ فِيمَا يُخْبِرُ بِهِ عَنْ رَبِّهِ فِي دِينِهِ وَأَمَّا الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ فَجَائِزٌ عَلَيْهِمَا النَّسْخُ لِلتَّخْفِيفِ وَلَمَّا شَاءَ اللَّهُ مِنْ مَصَالِحِ عِبَادِهِ وَذَلِكَ مِنْ حِكْمَتِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وقد أنكر قوم من الروافض والخوراج النَّسْخَ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَضَاهَوْا فِي ذَلِكَ قَوْلَ الْيَهُودِ وَلَوْ أَمْعَنُوا النَّظَرَ لَعَلِمُوا أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ بَابِ الْبَدَاءُ كَمَا زَعَمُوا وَلَكِنَّهُ مِنْ بَابِ الْمَوْتِ بَعْدَ الْحَيَاةِ وَالْكِبَرِ بَعْدَ الصِّغَرِ وَالْغِنَى بَعْدَ الْفَقْرِ إِلَى أَشْبَاهِ ذَلِكَ مِنْ حِكْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَكِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ الْكَلَامِ فِي هَذَا الْمَعْنَى لِئَلَّا نَخْرُجَ عَمَّا قَصَدْنَاهُ وَفِيهِ أَنَّ النَّهْيَ حُكْمُهُ إِذَا وَرَدَ أَنْ يُتَلَقَّى بِاسْتِعْمَالِ تَرْكِ مَا نُهِيَ عَنْهُ وَالِامْتِنَاعِ مِنْهُ وَأَنَّ النَّهْيَ مَحْمُولٌ عَلَى الْحَظْرِ وَالتَّحْرِيمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>