للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفى كتب الاعجاز التى وصلت حديث عن النظم، ولكنه لا يجلو الصورة ولا يوضح الهدف، وإنما هو ومضات فى الطريق سار عليها البلاغيون، فأبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم الخطابى (- هـ) يرى أنّ القرآن إنّما صار معجزا لأنّه جاء بأفصح الألفاظ فى أحسن نظوم التأليف مضمنا أصح المعانى، ويقول إنّ «عمود هذه البلاغة التى تجمع لها هذه الصفات هو وضع كل نوع من الألفاظ التى تشتمل عليها فصول الكلام موضعه الأخص الأشكل به، الذى إذا أبدل مكانه غيره جاء منه إمّا تبدل المعنى الذى يكون منه فساد الكلام، وإمّا ذهاب الرونق الذى يكون معه سقوط البلاغة» (١) ويرى أبو الحسن على بن عيسى الرمانى (- هـ) أنّ أعلى مرتبة فى حسن البيان ما جمع أسباب الحسن فى العبارة من تعديل النظم حتى يحسن فى السمع ويسهل على اللسان وتتقبله النفس تقبل البرد (٢).

ويرى أبو بكر محمد بن الطيب الباقلانى (- هـ) أنّ كتاب الله معجز بالنظم؛ لأنّه خارج عن جميع وجوه النظم المعتاد فى كلام العرب، يقول: «فأما شأو نظم القرآن فليس له مثال يحتذى عليه ولا إمام يقتدى به، ولا يصح وقوع مثله اتفاقا كما يتفق للشاعر البيت النادر، والكلمة الشاردة، والمعنى الفذ الغريب، والشئ القليل العجيب» (٣). ويقول: «ليس الاعجاز فى نفس الحروف وإنّما هو فى نظمها وإحكام رصفها، وكونها على وزن ما أتى به النبى- صلى الله عليه وسلم- وليس نظمها أكثر من وجودها متقدمة ومتأخرة ومترتبة فى الوجود، وليس لها نظم سواها» (٤). ويقول عن القرآن:

«وهو معجزة الرسول- عليه السلام- دال على نبوته من ثلاثة أوجه:

أحدها ما فيه من عجيب النظم، وبديع الرصف، وأنّه لا قدرة لأحد من الخلق على تأليف مثله ولا تأليف سورة منه أو آية بقدر سورة ....» (٥).


(١) بيان إعجاز القرآن- ثلاث رسائل فى إعجاز القرآن ص ٢٦.
(٢) النكت فى إعجاز القرآن- ثلاث رسائل فى إعجاز القرآن ص ٩٨.
(٣) إعجاز القرآن ص ١٦٩.
(٤) كتاب التمهيد ص ١٥١.
(٥) كتاب الانتصار لنقل القرآن ص ٥٩.

<<  <   >  >>