للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو من الشهرة بحيث لا يخفى. ثم إنهم يعكسون هذا التشبيه فيشبّهون الغدران والبرك بالدروع والجواشن، كقول البحتري يصف البركة (١): [من البسيط]

إذا زهتها الصّبا أبدت لها حبكا ... مثل الجواشن مصقولا حواشيها

ومن فاتن ذلك وفاخره، لاستواء أوّله في الحسن وآخره، قول أبي فراس الحمداني (٢): [من مجزوء الكامل]

انظر إلى زهر الربيع ... والماء في برك البديع

وإذا الرياح جرت علي ... هـ في الذّهاب وفي الرجوع

نثرت على بيض الصّفا ... ئح بيننا حلق الدروع

وتشبّه أنوار الرياض بالنجوم، كقوله (٣): [من الكامل]

بكت السماء بها رذاذ دموعها ... فغدت تبسّم عن نجوم سماء

ثم تشبّه النجوم بالنّور كقوله (٤): [من البسيط]

قد أقذف العيس في ليل كأنّ به ... وشيا من النّور أو روضا من العشب

وكقول ابن المعتزّ (٥): [من الطويل]

كأنّ الثّريّا في أواخر ليلها ... تفتّح نور أو لجام مفضّض

وقال (٦): [من الكامل]

وتوقّد المرّيخ بين نجومها ... كبهارة في روضة من نرجس


(١) البيت في ديوانه. الحبك، حبك السماء: طرائقها، ومن التنزيل: وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ يعني:
طرائق النجوم واحدتها: «حبكة»، وقال الفراء في قوله: وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ قال: الحبك تكسّر كل شيء كالرملة إذا مرت عليها الريح الساكنة والماء القائم إذا مرت به الريح، والدرع من الحديد لها حبك أيضا. الجوشن: اسم الحديد الذي يلبس من السلاح. الجوهري: الجوشن:
الدرع. [اللسان: حبك، جشن].
(٢) الأبيات في ديوانه.
(٣) البيت للبحتري في ديوانه. الرّذاذ: المطر، وقيل: الساكن الدائم الصغار القطر كأنه غبار. وقيل:
هو بعد الطلل. قال الأصمعي: أخف المطر وأضعفه الطلل ثم الرذاذ. [اللسان: رذذ].
(٤) البيت للبحتري في ديوانه.
(٥) راجع ص ١٢٣ هامش رقم (٣).
(٦) البيت لابن المعتز في ديوانه ص ٢٧٦، وهو من خمسة أبيات مطلعها:
كم ليلة محمودة أحييتها ... جاءت بأسعد طائر لم ينحس
بيضاء مقمرة لقيها صحبها ... وثيابها في ظلمة لم تدنس
«البهار» بالفتح: نبت طيب الرائحة، واحده البهار.

<<  <   >  >>