للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المجرّدة من هيئات الحركة، وفيه تفصيل طريف فاتن، فقد راعى الحركتين حركة التهيّؤ للدنوّ والعناق، وحركة الرّجوع إلى أصل الافتراق، وأدّى ما يكون في الحركة الثانية من سرعة زائدة تأدية تحسب معها السّمع بصرا، تبيينا للتشبيه كما هو وتصوّرا، لأن حركة الشجرة المعتدلة في حال رجوعها إلى اعتدالها أسرع لا محالة من حركتها في حال خروجها عن مكانها من الاعتدال، وكذلك حركة من يدركه الخجل فيرتدع، أسرع أبدا من حركته إذا همّ بالدنوّ، فإزعاج الخوف والوجل أبدا أقوى من إزعاج الرجاء والأمل، فمع الأوّل تمهّل الاختبار، وسعة الحوار، ومع الثاني حفز الاضطرار، وسلطان الوجوب.

وأعود إلى الغرض.

ومن تشبيه السّرو بالنساء قول ابن المعتزّ (١): [من الطويل]

ظللت بملهى خير يوم وليلة ... تدور علينا الكأس في فتية زهر

بكفّ غزال ذي عذار وطرّة ... وصدغين كالقافين في طرفي سطر

لدى نرجس غضّ وسرو كأنه ... قدود جوار ملن في أزر خضر

وتشبّه ثديّ الكواعب بالرمّان كقوله (٢): [من الكامل]

وبما تبيت أناملي ... يجنين رمّان النّحور

وقول المتنبي (٣): [من الطويل]

وقابلني رمّانتا غصن بانة ... يميل به بدر ويمسكه حقف

وقوله (٤): [من الطويل]

يخطّطن بالعيدان في كلّ منزل ... ويخبأن رمّان الثّديّ النواهد


(١) هي ثلاثة أبيات في ديوانه ص ٢٣٥ (طبعة دار صادر).
(٢) البيت آخر ثلاثة أبيات للنميري (محمد بن عبيد الله) في ديوان المعاني ١/ ٢٥٣. والنحور:
الصدور. ابن سيدة: نحر الصدر: أعلاه، وقيل: هو موضع القلادة منه، وهو المنحر مذكر لا غير.
(٣) البيت غير موجود في ديوانه (طبعة دار الكتب العلمية) وموجود في التبيان على شرح ديوان أبي الطيب المتنبي للعكبري ص ٤٦٠. الحقف: ما اعوج من الرمل وجمعه أحقاف وحقاف وقد نطق القرآن بالأحقاف. وهو يريد بالرمانتين الثديين وبالغصن القد وبالبدر الوجه وبالحقف الردف ومعنى البيت يقول: لما قامت للوداع قابلن رمانتان من ثديها على قد مثل الغصن يميله وجه كالبدر فكان وجهها يميل قامتها ثم
يمسك الردف بثقله قامتها الخفيفة فلا تقدر على سرعة الحركة. [التبيان للعكبري].
(٤) البيت للنابغة الذبياني في ديوانه ص ٤٠ من قصيدة قالها في مدح النعمان بن وائل، وقبله:
وشيمة لا وان، ولا واهن القوى ... وجدّ إذا خاب المفيدون صاعد
فآب بأبكار وعون عقائل ... أوانس يحميها امرؤ غير زاهد
ونواهد: جمع نهد: الثدي أي: أنهن خجولات يتلهين باللعب بالعيدان.

<<  <   >  >>