للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٥٦ - وروى أيضاً عن ميمونة بنت سعد؛ قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من أجمع الصيام من الليل؛ فليصم, ومن أصبح ولم يجمعه؛ فلا يصم». وفي إسناده الواقدي.

وأيضاً: فإن الصوم الواجب هم الإِمساك من أول النهار إلى آخره؛ فإذا خلا أوله عن النية؛ فقد خلا بعض العبادة الواجبة عن النية؛ ذكراً واستصحاباً, وذلك لا يجوز, ولأنه إذا لم يعتقد الصوم أول النهار؛ لم يكن ممتثلاً للأمر بصومه؛ لأن امتثال الأمر بدون القصد لا يصح؛ فإذا لم يكن ممتثلاً للأمر؛ بقي في عهدة الأمر قوله: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ. . .} [البقرة: ١٨٧] , وكونه معذوراً لا يقتضي أن يحكم له بما لم يفعله, لكن يقتضي سقوط الإِثم عنه, ويجزيه القضاء؛ كما لو لم يعلم به إلا بعد الزوال.

ولأنه: صوم واجب, فلم يصح إلا بنية من الليل؛ كصوم الكفارة والقضاء والنذر المطلق, ولا يصح أن يقال: هناك لم يتعين زمانه فلا بد من النية, بخلاف صوم رمضان والنذر المعين؛ لأن التعيين لو كان كافياً؛ لكفى مجرد الإِمساك بدون النية, ولم تفترق الحال بين ما قبل الزوال وبين ما بعده.

فإن قيل: فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء أن يصوموا بنية من النهار, وكان صوماً واجباً, ولولا أن الواجب يصح بنية من النهار؛ لم يجزهم.

قيل: لا نسلم أن صوم يوم عاشوراء كان واجباً على ما يختاره كثير من أصحابنا على القول الآخر؛ فذاك إنما ابتدأ الله إيجابه من النهار, ولم يكن

<<  <  ج: ص:  >  >>