للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان أبو هريرةَ يقول: ألا أدلكُم على الغنيمة الباردة؟ قَالَوا: بلى، قَالَ: الصيامُ في الشتاء (١).

وأما القيامُ في الشتاء، فيشقُّ على النفس من وجهين:

أحدهما: من جهة تألُم النفس بالقيام من الفراش في شدة البرد.

قال داودُ بن رشيدٍ: قام بعضُ إخواني إلى وِرْدِهِ بالليل في ليلة باردةٍ شديدةِ البرد، فكان عليه خُلْقَانٌ، فضربه البردُ، فبكى، فهتف به هاتف: أقمناكَ وأنمناهم، ثم تبكي علينا! (٢).

الثاني: إسباغُ الوضوء في شدة البرد يتألم به.

روي في "صحيح مسلم" عن أبي هريرةَ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "أَلا أَدلكم عَلَى ما يَمحُو الله بِهِ الخَطَايَا، ويرفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟ "، قالوا: بلى يا رسولَ الله، قال: "إِسْبَاغُ الوُضُوءِ عَلَى المَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الخُطَا إِلَى المَسَاجِدِ، وانْتِظَارُ الصَّلاةِ بَعدَ الصَّلاةِ، فَذلكمُ الرِّبَاطُ، فَذلكمُ الرِّبَاطُ" (٣).

إسباغُ الوضوء في شدة البرد من أعلى خصال الإيمان.

في "المسند"، و"صحيح ابن حبان": عن عقبةَ بن عامرٍ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "رَجُلانِ مِنْ أُمَّتِي؛ يَقُومُ أَحَدُهُما مِنَ اللَّيْلِ فَيُعَالِجُ


(١) رواه البيهقي في "السنن الكبرى" (٤/ ٢٩٧).
(٢) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٨/ ٣٣٥).
(٣) رواه مسلم (٢٥١).

<<  <   >  >>