للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

همُ المُخْبِتُونَ بِنيَّاتِهِمْ ... أَرَادُوا رِضا [هـ] فَأَعْطَاهُمُ

وَأَسْكَنَهُمْ في فَسِيحِ الجِنَانِ ... وَأَعْلَى المَنَازِلِ بَوَّاهُمُ

فَنَالُوا المُرَادَ وَفَازُوا بِهِ ... فَطُوبَى لَهُمْ ثُمَّ طُوباهُمُ

وذُكر عن مالكِ بن أنسٍ، قَالَ: صحبتُ جعفراً الصادق، فلما أراد أن يلبي، تغيّر وجهُه، وارتعدت فَرائصُه، فقلت: ما لكَ يا بنَ رسولِ الله؟! فقَالَ: أردتُ أن ألبي، قلت: وما توقُّفُكَ؟ قَالَ: أخاف أن أسمع غير الجواب.

وقَالَ سَرِيٌّ: لقيت في طريق الحج جاريةً حبشية، فقلت: إِلَى أين؟ قَالَت: الحج، قلت: الطريقُ بعيد، فقَالَت: بعيدٌ على الكسلان، وأما المشتاقُ، فهو عليه قريب، ثم قَالَت: يا سَرِيُّ! {إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (٦) وَنَرَاهُ قَرِيبًا} [المعارج: ٦ - ٧]، فلما وصلت إِلَى البيت، رأيتها تطوف كالفتى الشاطر، فنظرَتْ إليه، فقَالَت: أنا تلكَ العبدةُ، لما جئتهُ بضعفي، حملَني بقوَّته (١).

إخواني! مُدُّوا إليه أيدي الاعتذار، وقوموا على بابه بالذلِّ والإنكسار؛ كما قيل:


(١) انظر: "التبصرة" لابن الجوزي (٢/ ١٥٠).

<<  <   >  >>