للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِثْلُهُ، وَكَانَ فِيمَا ذَكَرَهُ الْمُحَقِّقُونَ مَجْبُولًا عَلَيْهَا فِي أَصْلِ خِلْقَتِهِ وَأوَّلِ فِطْرَتِهِ لَمْ تَحْصُلْ لَهُ بِاكْتِسَابٍ وَلَا رِيَاضَةٍ إِلَّا بجود إلهى وَخُصُوصِيَّةٍ رَبَّانِيَّةٍ، وَهَكَذَا لِسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ، وَمَنْ طَالَعَ

سِيَرَهُمْ مُنْذُ صِبَاهُمْ إِلَى مَبْعَثِهِمْ حَقَّقَ ذَلِكَ كَمَا عُرِفَ مِنْ حَالِ عِيسَى وَمُوسَى وَيَحْيَى وسُلَيْمَانَ وَغَيْرِهِمْ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ بَلْ غُرِزَتْ فِيهِمْ هَذِهِ الْأَخْلَاقُ فِي الْجِبِلَّةِ وَأُودِعُوا الْعِلْمَ وَالحِكْمَةَ فِي الْفِطْرَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صبيا) قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: أَعْطَى اللَّهُ يَحْيَى الْعِلْمَ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فِي حَالِ صِبَاهُ، وَقَالَ مَعْمَرٌ: كَانَ ابْنُ سَنتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ فَقَالَ لَهُ الصِّبْيَانُ لِمَ لَا تَلْعَبُ؟ فَقَالَ (ألِلَّعِب خُلِقْتُ) ؟ وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ) صَدَّقَ يَحْيَى بِعِيسَى وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ سِنِينَ فَشَهِدَ لَهُ أَنَّهُ كَلِمَةُ اللَّهِ وَرَوْحُهُ، وَقِيلَ صَدَّقَهُ وَهُوَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ فَكَانَتْ أُمُّ يَحْيَى تَقُولُ لِمَرْيَمَ إِنِّي أَجِدُ مَا فِي بَطْنِي يَسْجُدُ لِمَا فِي بَطْنِكِ تَحِيَّةً لَهُ، وَقَدْ نَصَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى كَلَامِ عِيسَى لأُمِّهِ عِنْدَ وِلَادَتِهَا إِيَّاهُ بِقَوْلِهِ لَهَا (لَا تَحْزَنِي) عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ (مِنْ تَحِتَهَا) وَعَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّ الْمُنَادِي عِيسَى وَنَصَّ عَلَى كَلَامِهِ فِي مَهْدِهِ فَقَالَ (إِنِّي عبد الله


(قوله في الفطرة) أي الخلقة (قوله عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ مِنْ تَحِتَهَا) بفتح الميم والتاء قال البغوي: قرأ أبو جعفر ونافع وحمزة والكسائي وحفص بكسر الميم والتاء، والمعنى نادى جبرئيل مريم من تحتها بأن كانت مريم على أكمة وكان جبريل تحت الأكمة، وقرأ الاخرون بفتح الميم والتاء والمراد جبريل عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ والسدى وقتادة والضحاك، وعند مجاهد والحسن: المراد عيسى لما خرج من بطن أمه (*)