للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَوَجْه تَرْك اسْتِتَابِته أنه لما ظَهَر مِنْه ذَلِك بَعْد إظْهار الْإِسْلَام قَبْل اتهمناه وظننا أَنّ لسانه لَم ينطق بِه إلَّا وَهُو معتقد لَه إِذ لَا يَتَسَاهَل فِي هَذَا أَحَد فَحُكِم لَه بحكم الزَّنْدِيق وَلَم تُقْبَل توبته وَإذَا انْتَقَل من دِين إلى دِين آخَر وأظْهَر السّبّ بِمَعْنَي الارْتِدَاد فَهَذَا قَد أعْلَم أنَّه خَلَع رِبْقَه الْإِسْلَام من عُنُقِه بِخِلَاف الأوّل المستمسك بِه وحُكْم هَذَا حُكْم المُرْتَد يُسْتَتَاب عَلَى مَشْهُور مَذاهِب أَكْثَر الْعُلمَاء وَهُو مَذْهَب مَالِك وأصحابه عَلَى ما بَيَّنَاه قَبْل وَذَكَرْنا الخِلَاف فِي فُصُولِه

فصل وَأَمَّا من أضاف إِلَى اللَّه تَعَالَى مَا لَا يَلِيق بِه لَيْس عَلَى طريق السَّبّ وَلَا الرّدَّة وَقَصْد الكُفْر وَلَكِن عَلَى طَرِيق التَّأْوِيل والاجْتِهاد والخَطَإ المُفْضِي إِلَى الْهَوَى والبدعَة من تَشْبيه أَو نَعْت بِجارحَة أَو نَفْي صِفَة كَمَال فَهَذَا مِمَّا اخْتَلَف السَّلَف وَالْخَلَف فِي تَكْفِير قائِلِه ومُعْتقِدِه واخْتَلف قَوْل مَالِك وأصحابِه فِي ذَلِك وَلَم يَخْتِلِفُوا فِي قِتالِهِم إذَا تَحَيَّزُوا فِئَة وَأَنَّهُم يُسْتَتابُون فإن تابُوا وَإِلَّا قُتِلُوا وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي المُنْفَرِد مِنْهُم فأكْثَر قَوْل مَالِك وأصحابِه تَرْك القَوْل بِتَكْفِيرِهِم وتَرْك قَتْلِهِم وَالْمُبَالغَة فِي عُقُوبَتِهِم وإطالَة سِجْنِهِم حَتَّى يَظْهَر إقْلاعُهُم وتَسْتَبين تَوْبَتُهُم كَمَا فعل


(قوله ربقة الإسلام) بكسر الراء وسكون الموحدة أي أحكام الإسلام وأصل الربقة عروة في حبل يجعل في عنق البهيمة أو يدها بمسكها (*)