الْفَاظِهَا وَكَثْرَةِ مَعَانِيهَا وَدِيبَاجَةِ عِبَارَتِهَا وَحُسْنِ تَأْلِيفِ حُرُوفِهَا وَتَلاؤُمِ كَلِمهَا وَأَنَّ تَحْتَ كُلِّ لَفْظَةٍ مِنْهَا جُمَلًا كَثِيرةً وَفُصُولًا جَمَّةً وَعُلُومًا زَوَاخِرَ مُلِئَتِ الدَّوَاوينُ من بَعْضِ مَا اسْتُفِيدَ مِنْهَا وَكَثُرَتِ الْمَقَالاتُ فِي الْمُسْتَنْبَطَاتِ عَنْهَا ثُمَّ هُوَ فِي سَرْدِ الْقِصَصِ الطّوَالِ وَأَخْبَارِ الْقُرُونِ السَّوَالِفِ
التي يَضْعفُ فِي عَادَةِ الْفُصَحَاءِ عِنْدَهَا الْكَلَامُ وَيَذْهَبُ مَاءُ الْبَيَانِ آيَةٌ لِمُتَأمّلِهِ من رَبْطِ الْكَلَامُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ وَالْتِئَامِ سَرْدِهِ وَتَنَاصُفِ وُجُوهِهِ كَقِصَّةِ يُوسُفَ عَلَى طُولِهَا ثُمَّ إذَا تَرَدَّدَتْ قِصَصُهُ اخْتَلَفَتِ الْعِبَارَاتُ عَنْهَا عَلَى كَثْرَةِ تَرَدُّدِهَا حَتَّى تَكَادَ كُلّ وَاحِدَةٍ تُنَسّي فِي الْبَيَانِ صَاحِبَتَهَا وَتَناصِفُ فِي الْحَسَنِ وَجْهَ مُقَابلَتِهَا وَلَا نُفُورَ لِلنُّفُوسِ من تَرْدِيدِهَا وَلَا مُعَادَاةَ لِمُعَادِهَا.
(فصل) الْوَجْهُ الثَّانِي من إِعْجَازِهِ صُورَةُ نَظْمِهِ العَجِيبِ وَالْأُسْلُوبُ الْغَرِيبُ الْمُخَالِفُ لِأَسَالِيبِ كَلَامِ الْعَرَبِ وَمَناهِج نَظْمِهَا وَنَثْرِهَا الَّذِي جَاءَ عَلَيْهِ وَوَقَفَتْ مَقَاطِعُ آيِهِ وَانْتَهَتْ فَوَاصِلُ كلمات إليْهِ وَلَمْ يُوجَدْ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ نَظِيرٌ لَهُ وَلَا اسْتطَاعَ أَحَدٌ مُمَاثَلَةَ شئ مِنْهُ بَلْ حَارَتْ فِيهِ عُقُولُهُمْ وَتَدلَّهَتْ دُونَهُ أَحْلامُهُمْ وَلَمْ يَهْتَدُوا إِلَى مِثْلِهِ فِي جِنْسِ كَلامِهِمْ من نَثْرٍ أَوْ نَظْمٍ أَوْ سَجْعٍ أَوْ رَجْزٍ أَوْ شِعْرٍ وَلَمَّا سمع كَلَامَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَلِيدُ بن الْمُغِيرَةِ وَقَرأ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ رَقَّ فَجَاءَهُ أَبُو جَهْلٍ مُنْكِرًا عَلَيْهِ قَالَ والله مَا مِنْكُمْ أَحَدٌ أعْلَمُ بِالْأَشْعَارِ مِنّي والله مَا يُشْبِهُ الَّذِي يَقُولُ شَيْئًا من هَذَا، وَفِي خَبَرِهِ الآخرِ حِينَ جَمَعَ قُرَيْشًا عند حضور
(قوله وتدلهت) بفتح الدال المهملة واللام المشددة من التدلى، وهو ذهاب العقل من الهوى (*)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute