للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لم يعرف بشئ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ وَأَبَانَ أَمْرَهُ وَعَلَّمَهُ وَأَقْرَأَهُ، يُعْلَمُ ذَلِكَ بِالْمُطَالَعَةِ وَالْبَحْثِ عَنْ حَالِهِ ضَرُورَةً وَبِالْبُرْهَانِ الْقَاطِعِ عَلَى نُبُوَّتِهِ نَظَرًا فَلا نُطَوِّلُ بِسَرْدِ الْأَقَاصِيصِ وَآحَادِ الْقَضَايَا، إِذْ مَجْمُوعُهَا مَا لَا يَأخُذُهُ حَصْرٌ وَلَا يُحِيطُ بِهِ حِفْظٌ جَامِعٌ، وَبِحَسَبِ عَقْلِهِ كَانَتْ مَعَارِفُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى سَائِرِ مَا عَلَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَطْلَعَهُ عَلَيْهِ مِنْ عِلْمِ مَا يَكُونُ وَمَا كَانَ وَعَجَائِبِ قُدْرَتِهِ وَعَظِيمِ

مَلَكُوتِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا) حَارَتِ الْعُقُولُ فِي تَقْدِيرِ فَضْلِهِ عَلَيْهِ وَخَرِسَتِ الْأَلْسُنُ دُونَ وَصْفٍ يُحِيطُ بِذَلِكَ أَوْ ينْتَهِي إليْهِ

(فصل) وَأَمَّا الْحِلْمُ وَالاحْتِمَالُ وَالْعَفْوُ مَعَ المَقْدِرَةِ وَالصَّبْرُ عَلَى مَا يَكرَهُ وبَيْنَ هَذِهِ الْأَلْقَابِ فَرْقٌ فَإِنَّ الْحِلْمَ حَالَةُ تَوَقُّرٍ وَثَبَاتٍ عِنْدَ الْأَسْبَابِ الْمُحَرِّكَاتِ، والاحْتِمَالَ حَبْسُ النَّفْسِ عِنْدَ الآلامِ وَالْمُؤْذِيَاتِ وَمِثْلُهَا الصَّبْرُ وَمَعَانِيهَا مُتَقَارِبَةٌ، وَأَمَّا الْعَفْوُ فَهُوَ تَرْكُ الْمُؤَاخَذَةِ وَهَذَا كُلُّهُ مِمَّا أَدَّبَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ تَعَالَى (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بالعرف)


(قوله خرست) بكسر الراء (قوله مع المقدرة) بضم الدال وفتحها أي القدرة (قوله جبريل) قيل جبريل وميكائيل اسمان أضيفا إلى إيل أو إلى إل، وإيل وإل اسمان لله تعالى، وجبروميك معناه بالسريانية عبد، ورده أبو على الفارسى بأن إيل وإل لا يعرفان من أسماء الله تعالى وبأنه لو كان كذلك لم ينصرف آخر الاسم في وجوه العربية ولكان آخره مجرورا أبدا كعبد الله، قال النووي: وهذا الذى قاله هو الصواب (*)