فصل فِي مَعْنَي الْمَحَبَّةِ للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحقيقتها
اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي تَفْسِيرِ مَحَبَّةِ اللَّه وَمَحَبَّةِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَثُرَتْ عِبَارَاتُهُمْ فِي ذَلِكَ وَلَيْسَتْ تَرْجِعُ بِالحَقِيقَةِ إلى اخْتِلافِ مَقَال وَلَكِنَّهَا اخْتِلَافُ أَحْوَالٍ فَقَالَ سُفْيَانُ المَحَبَّةُ اتّبَاعُ الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأنَّهُ التَفَتَ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فاتبعوني) الآية، وَقَالَ بَعْضُهُمْ مَحَبَّةُ الرَّسُولِ اعْتِقَادُ نُصْرَتِهِ والذَّبُّ عَنْ سُنَّتِهِ والانْقِيَادُ لَهَا وَهَيْبَةُ مُخَالَفَتِهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمُ المَحَبَّةُ دَوَامُ الذِّكْرِ لِلْمَحْبُوبِ، وَقَالَ آخَرُ: إِيثَارُ المَحْبُوبِ، وَقَالَ بَعْضُهُمُ المَحَبَّةُ الشَّوْقُ إِلَى المَحْبُوبِ، وَقَالَ بَعْضُهُمُ المَحَبَّةُ مُوَاطَأَةُ الْقَلْبِ لِمُرَادِ الرَّبِّ يُحِبُّ مَا أحَبَّ وَيَكْرَهُ مَا كَرِهَ، وَقَالَ آخَرُ: المَحَبَّةُ مَيْلُ القَلْبِ إِلَى مُوَافِقٍ لَهُ وأكْثَرُ العِبَارَات المُتَقَدّمَةِ إشَارَةٌ إِلَى ثَمَراتِ المَحَبَّةِ دُونَ حَقِيقَتِهَا وَحَقِيقَةُ المَحَبَّةِ المَيْلُ إلى مَا يُوَافِقُ الْإِنْسَانَ وَتَكُونُ مُوَافَقَتُهُ لَهُ إِمَّا لاسْتِلْذَاذِهِ بإدْرَاكِهِ كَحُبّ الصُّوَرِ الجَمِيلَةِ وَالْأَصْوَاتِ الْحَسَنَةِ وَالْأَطْعِمَةِ والأشربة الذيذة وأشْبَاهِهَا مِمَّا كُلُّ طَبْعٍ سَلِيمٍ مَائِلٌ إِلَيْهَا لِمُوَافَقتِهَا لَهُ، أَوْ لاسْتِلْذَاذِهِ بإدْرَاكِهِ بِحَاسَّةِ عَقْلِهِ وَقَلْبِهِ مَعَانِيَ بَاطِنَةً شَرِيفَةً كَحُبّ الصَّالِحِينَ وَالعُلَمَاءِ وأهْلِ المَعْرُوفِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute