للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب الرابع في حكم الصلاة عليه والتسليم وفرض ذَلِك وفضيلته

قَال اللَّه تَعَالَى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النبي) الآيَةَ، قَال ابْنُ عَبَّاس مَعْنَاه أَنّ اللَّه وَمَلَائِكَتَه يُبَارِكُون عَلَى النَّبِيّ، وَقِيل إنّ اللَّه يَتَرَحَّم عَلَى النَّبِيّ وَمَلَائِكَتَه يَدْعُون لَه قَال الْمُبَرّد وَأَصْل الصَّلَاة التَّرَحُّم فَهِي مِن اللَّه رحمة فَهِي مِن اللَّه رَحْمَة وَمِن الْمَلَائِكَة رِقَّة وَاسْتدعَاء لِلرَّحْمَة مِن اللَّه، وَقَد وَرَد فِي

الْحَدِيث (صِفَة صَلَاة الْمَلَائِكَة عَلَى من جَلَس يَنْتَظِر الصَّلَاة اللَّهُمّ اغْفِر لَه اللَّهُمّ ارْحمْه) فَهَذَا دُعَاء، وَقَال بَكْر الْقُشَيْرِيّ: الصَّلَاة مِن اللَّه تَعَالَى لِمَن دُون النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم رَحْمة وللنبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم تَشْرِيف وَزِيَادَة تَكْرِمَة، وَقَال أَبُو الْعَالِيَة: صَلَاة اللَّه وَثَنَاؤُه عَلَيْه عِنْد الْمَلَائِكَة وَصَلَاة الْمَلَائِكَة الدُّعَاء قَال الْقَاضِي أَبُو الْفَضْل: وَقَد فَرَّق النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم فِي حَدِيث تَعْلِيم الصَّلَاة عَلَيْه بيْن لَفْظ الصَّلَاة وَلفْظ الْبَرَكَة فَدَلّ أَنَّهُمَا بِمَعْنَيين، وَأَمَّا التَّسْلِيم الَّذِي أمر اللَّه تَعَالَى بِه عِبَادَه فَقَال الْقَاضِي أَبُو بَكْر بن بُكَيْر نزلت هَذِه الآيَة عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم فَأَمَر اللَّه أصْحَابَه أن يُسَلّمُوا عَلَيْه وَكَذَلِك من بعْدَهُم أُمِرُوا أن يُسَلّمُوا عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم عِنْد حُضُورِهِم قَبْرَه وعند ذِكْرِه، وَفِي معني السَّلَام عَلَيْه ثَلَاثَة وُجُوه: أحدهما السَّلامَة لَك وَمَعَك، وَيَكُون السَّلَام مَصْدَرًا كَاللَّذَاذ وَاللَّذَاذَة.

الثَّانِي أَي السَّلَام عَلَى حِفْظَك وَرِعَايَتِك مُتوَلّ