للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حِينَئِذٍ لِمَيْلِهَا إِلَى الْجَانِبِ الأَيْسَرِ فَيَسْتَدْعِي ذَلِكَ الاسْتِثْقَالَ فِيهِ وَالطَّوْلَ، وَإِذَا نَامَ النَّائِمُ عَلَى الأَيْمَنِ تَعَلَّقَ الْقَلْبُ وَقَلِقَ فأسرع الافافة وَلَمْ يَغْمرْهُ الاسْتِغْرَاقُ.

(فصل) وَالضَّرْبُ الثَّانِي مَا يَتَّفِقُ التَّمَدُّحُ بِكَثْرَتِهِ وَالْفَخْرُ بِوُفُورِهِ كَالنِّكَاحِ وَالْجَاهِ.

أَمَّا النِّكَاحُ فَمُتَّفَقٌ فِيهِ شرعا وعادة فإنه دَلِيلُ الْكَمَالِ وَصِحَّةُ

الذُّكُورِيَّةِ وَلَمْ يَزَلِ التَّفَاخُرُ بِكَثْرَتِهِ عَادَةً مَعْرُوفَةً وَالتَّمَادُحُ بِهِ سِيرَةً مَاضِيةً، وَأَمَّا فِي الشَّرْعِ فَسُنَّةٌ مَأْثُورَةٌ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَفْضَلُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَكْثَرُهَا نِسَاءً، مُشِيرًا إلَيْهِ صلى الله عليه وَسَلَّم وَقَد قَال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (تَنَاكَحُوا تَنَاسَلُوا فَإِنِّي مُبَاهٍ بِكُمُ الأُمَمَ) وَنَهَى عَنِ التَّبَتُّلِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ قَمْعِ الشَّهْوَةِ وَغَضِّ الْبَصَرِ اللَّذَيْنِ نَبَّهَ عَلَيْهِمَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ (مَنْ كَانَ ذَا طَوْلٍ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصنُ لِلْفَرْجِ) حَتَّى لَمْ يَرَهُ الْعُلَمَاءُ مِمَّا يَقْدَحُ فِي الزُّهْدِ، قَالَ سَهْلُ ابن عَبْدِ اللَّهِ: قَدْ حببن إِلَى سَيَّدِ الْمُرْسَلِينَ فَكَيْفَ يُزْهَدُ فِيهِنَّ؟ وَنَحْوهُ


(قوله لم يغمره) بالغين المعجمة وسكون الراء من غمره الماء إذا علاه (قوله فإنى مباه) الذى في سنن أبى داود والنسائي وابن ماجه (فإنى مكاثر بكم الأمم) (قوله عن التبتل) هو الانقطاع عن النساء وترك النكاح، وامرأة بتول منقطعة عن الرجال، وبه سميت أم عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وسميت فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم لانقطاعها عن النساء، فضلا ودينا وحسبا وقيل لانقطاعها عن الدنيا (قوله مَنْ كَانَ ذَا طول) الطول بفتح الطاء المهملة وإسكان الواو: الفضل والمقدرة.
(*)