للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي بَابِ الْمَجَازِ وَهَذَا فِي بَابِ الْحَقِيقَةِ لِأَنَّ الْقَاتِلَ وَالرَّامِيَ بِالْحَقِيقَةِ هُوَ اللَّهُ وَهُوَ خَالِقُ فِعْلِهِ وَرَمْيِهِ وَقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ وَمَشِيئَتِهِ وَلأَنَّهُ لَيْسَ فِي قُدْرَةِ الْبَشَرِ تَوْصِيلُ تِلْكَ الرَّمْيَةِ حَيْثُ وَصَلَتْ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ تَمْلأْ عَيْنَيْهِ وَكَذَلِكَ قَتْلُ المَلَائِكَةِ لَهُمْ حَقِيقَةٌ وَقَدْ قِيلَ فِي هَذِهِ الآيَةِ الْأُخْرَى إِنَّهَا عَلَى الْمَجَازِ الْعَرَبِيِّ وَمُقَابَلَةِ اللَّفْظِ وَمُنَاسَبَتِهِ أَيْ مَا قَتَلْتُمُوهُمْ وَمَا رميتهم أنت إذا رَمَيْتَ وُجُوهَهُمْ بِالْحَصْبَاءِ وَالتُّرَابِ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى قُلُوبَهُمْ بِالْجَزَعِ أَيْ أَنَّ مَنْفَعةَ الرَّمْيِ كَانَتْ مِنْ فِعْلِ اللَّهِ فَهُوَ الْقَاتِلُ وَالرَّامِي بِالْمَعْنَى وَأنْتَ بِالاسْمِ.

الْفَصْلُ الْعَاشِرُ فِيمَا أَظْهَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ مِنْ كَرَامَتِهِ عَلَيْهِ وَمَكَانَتِهِ عِنْدَهُ وَمَا خَصَّهُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ سِوَى مَا انْتَظَمَ فيما ذكرناه قبل:

مِنْ ذَلِكَ مَا قَصَّهُ تَعَالَى مِنْ قِصَّةِ الإِسْرَاءِ فِي سُورَةِ سُبْحَانَ، وَالنَّجْمِ، وَمَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ الْقِصَّةُ مِنْ عَظِيمِ مَنْزِلَتِهِ وَقُرْبِهِ وَمُشَاهَدَتِهِ ما شاهد من العجائب، ومن ذلك عِصْمَتِهِ مِنَ النَّاسِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى (وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) وَقَوْلِهِ تَعَالَى (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا) الآيَةَ وَقَوْلِهِ (إِلا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ) وَمَا دَفَعَ اللَّهُ بِهِ عَنْهُ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ مِنْ أَذَاهُمْ بَعْدَ تَحَرِّيهِمْ لِهُلْكِهِ وَخُلُوصِهِمْ بحيا في أمر


(قوله لهلكه) الهلك بضم الهاء وإسكان اللام: الاسم من هلك.
(*)