للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي قَسَمِهِ تَعَالَى جَدُّهُ لَهُ لِتَحْقُقِّ مَكَانَتِهِ عِنْدَهُ

قَالَ جلَّ اسْمُهُ (وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إذا سجى) السورة، اخْتُلِفَ فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ السُّورَةِ فَقِيلَ كَانَ تَرْكُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِيَامَ اللَّيْلِ لِعُذْرٍ نَزَلَ بِهِ فَتَكَلَّمَتِ امْرَأةٌ فِي ذَلِكَ بِكَلَامٍ وَقِيلَ بَلْ تَكَلَّمَ بِهِ الْمُشْرِكُونَ عِنْدَ فَتْرَةِ الْوَحْيِ فَنَزَلَتِ السُّورَةُ.

قَالَ الْفَقِيهُ الْقَاضِي وَفَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى: تَضَمَّنَتْ هَذِهِ السُّورَةُ مِنْ كَرَامَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ وَتَنْوِيههِ بِهِ وَتَعظِيمِهِ إيَّاهُ سِتَّةَ وُجُوهٍ: الأَوَّلُ الْقَسَمُ لَهُ عَمَّا أَخْبَرَهُ بِهِ مِنْ حَالِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى (وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إذا سجى) أَيْ وَرَبِّ الضُّحَى وَهَذَا مِنْ أعْظَمِ دَرَجَاتِ المَبَرَّةِ، الثَّانِي بَيَانُ مَكَانَتِهِ عِنْدَهُ وَحُظْوَتِهِ لَدَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى) أَيْ مَا تَرَكَكَ وَمَا أَبْغَضَكَ وَقِيلَ مَا أَهْمَلَكَ بَعْدَ أَنِ اصْطَفَاكَ، الثَّالِثُ قَوْلُهُ تَعَالَى (وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأولى) قال ابن إسحق أَيْ مَالَكَ فِي مَرْجِعِكَ عِنْدَ اللَّهِ أعْظَمُ مِمَّا أعْطَاكَ مِنْ كَرَامَةِ الدُّنْيَا، وَقَالَ سَهْلٌ: أَيْ مَا ادَّخَرْتُ لَكَ مِنَ الشَّفَاعَةِ وَالْمَقَامِ المَحْمُودِ خَيْرٌ لَكَ


(قوله فتكلمت امرأة) روى الحاكم في المستدرك في تفسير سورة الضحى أنها امرأة أبى لهب أم جميل بنت حرب أخت أبى سفيان بن حرب واسمها العوراء (قوله وحظوته بالحاء المهملة المضمومة والظاء المعجمة الساكنة من حظيت المرأة عند زوجها.
واعلم أن كل اسم على فعلة لامه واو بعدها هاء التأنيس فإنه مثلث الفاء (*)