المَأْثُورِ عَنْهُمُ السّيَرُ الجَمِيلَةُ وَالْأَفْعَالُ الحَسَنَةُ فَإنّ طَبْعَ الْإِنْسَان مَائِلٌ إِلَى الشَّغَفِ بأمْثَالِ هَؤْلَاءِ حَتَّى يَبْلُغَ التَّعَصُّبُ بِقَوْمٍ لِقَوْمٍ وَالتَّشَيُّعُ من أمَّةٍ فِي آخرِينَ مَا يُؤدّي إلى الجَلاءِ عَنِ الْأَوْطَانِ وهتك الحرم واخترام النُّفُوسِ أَوْ يَكُونَ حُبُّهُ إيّاهُ لِمُوَافَقَته لَهُ من جِهَةِ إحْسَانِهِ لَهُ وَإنْعَامِهِ عَلَيْهِ فَقَدْ جُبِلَتِ النُّفُوسُ عَلَى حُبِّ من أَحْسَنَ إِلَيْهَا، فَإِذَا تَقَرَّرَ لَكَ هَذَا نَظَرْتَ هَذِهِ الْأَسْبَابَ كُلَّهَا فِي حَقِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلِمْتَ أنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
جَامِعٌ لِهذِهِ المَعَانِي الثَّلاثَةِ المُوجِبَةِ للمحبة.
أَمَّا جَمَالُ الصُّورَةِ والظّاهِرِ وكمالِ الْأَخْلَاقِ وَالبَاطِنِ فَقَدْ قَرَّرْنا مِنْهَا قَبْلُ فِيمَا مَرَّ من الكتاب مالا يَحْتَاجُ إِلَى زِيَادَةٍ.
وَأَمَّا إحْسَانُهُ وَإنْعَامُهُ عَلَى أمَّتِهِ فَكَذلِكَ قَدْ مَرَّ مِنْهُ فِي أوْصَافِ اللَّه تَعَالَى لَهُ من رَأْفَتِهِ بِهِمْ وَرَحْمَتِهِ لَهُمْ وَهِدَايَتِهِ إيّاهُمْ وَشَفَقَتِهِ عَلَيْهِمُ وَاسْتِنْقَاذِهِمْ بِهِ مِنَ النَّارِ وأنه بالمؤمنين رؤف رَحِيمٌ وَرَحْمَةٌ لِلْعَالَمِينَ وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّه بِإِذْنِهِ وَيَتْلُوا عَلَيْهِم آياتِهِ وَيُزَكّيهِمْ وَيُعَلّمُهُم الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، فَأيُّ إحْسَان أجَلُّ قَدْرًا وَأَعْظَمُ خَطَرًا من إحْسَانِهِ إِلَى جَمِيعِ الْمُؤْمِنينَ، وأيُّ إِفْضَالٍ أَعَمُّ مَنْفَعةً وَأَكْثَرُ فَائِدةً من إنْعَامِهِ عَلَى كَافَّةِ المُسْلِمِينَ؟ إِذْ كَانَ ذَرِيعَتُهُمْ إِلَى الهِدَايَةِ وَمُنِْقذُهُمْ مِنَ العَمَايَةِ وَدَاعِيَهُمْ إِلَى الفَلاحِ وَالكَرَامَةِ وَوَسيلَتَهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ وَشَفيعَهُمْ وَالمُتَكَلِّمَ عَنْهُمْ وَالشَّاهِدَ لَهُمْ وَالمُوجِبَ لَهُمُ الْبَقَاءَ الدَّائِمَ وَالنَّعِيمَ السَّرْمَدَ فَقَد اسْتَبَانَ لَكَ أنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ مُسْتَوْجِبٌ لِلْمَحَبَّةِ الحقيقة شرعا
(قوله واخترام النفوس) بالخاء المعجمة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute