وَسَلَّمَ بِمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الآثَارُ الصَّحِيحَة المنتشرة الْمُتَلَقَّاةُ بِالْقَبُولِ مِنَ الْأُمَّةِ وَكَفَى بِقَوْلِهِ تَعَالَى (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ) الآيَةَ، حكى أَهْلُ التَّفْسِيرِ أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ لَمّا نَزَلَتْ قَالَ الْكُفَّارُ إنَّمَا يُرِيدُ مُحَمَّدٌ أنْ نتخذه حنانا كما اتخذت النصارى عيسى ابن مَرْيَمَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ غَيْظًا لَهُمْ وَرَغْمًا عَلَى مَقَالَتِهِمْ هَذِهِ الآيَةَ (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ) فَزَادَهُ شَرَفًا بِأَمْرِهِمِ بِطَاعَتِهِ وَقَرَنَها بِطَاعَتِهِ ثُمَّ تَوَعَّدَهُمْ عَلَى التوَلّي عَنْهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يحب الكافرين) * وَقَدْ نَقَلَ الْإِمَام أَبُو بَكْرِ بن فُورَك عَنْ بَعْض الْمُتَكَلّمِينَ كَلامًا فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَحَبَّةَ وَالْخُلَّةِ يَطُولُ جُمْلَةُ إشاراته إِلَى تَفْضِيلِ مَقَامِ الْمَحَبَّةَ عَلَى الْخُلَّةِ وَنَحْنُ نَذْكُرُ مِنْهُ طَرَفًا يَهْدِي إِلَى مَا بَعْدَهُ، فَمْن ذَلِكَ قَوْلهُمُ: الْخَلِيلُ يَصِلُ بِالْوَاسِطَةِ من قَوْلِهِ (وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ) وَالْحَبِيبُ يَصِلُ إليْهِ بِهِ من قَوْلِهِ (فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أو أدنى) وَقِيلَ الْخَلِيلُ الَّذِي تَكُونُ مَغْفِرَتُهُ فِي حَدّ الطَّمَع من قَوْلِهِ (وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خطيئتي وَالْحَبِيبُ الَّذِي مَغْفِرَتُهُ فِي حَد اليَقِينِ من قَوْلِهِ (لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وما تأخر) الآيَةَ وَالْخَلِيلُ قَالَ (وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ) وَالْحَبِيبُ قِيلَ لَهُ (يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النبي) فابتديئ بِالبِشَارَةِ قَبْلَ
السُّؤالِ وَالْخَلِيلُ قَالَ فِي الْمِحْنَةِ حَسْبِيَ اللَّهَ والحبيب قيل له (يا أيها النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ) وَالْخَلِيلُ قَالَ (وَاجْعَلْ لى لسانه صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ) والحبيب قيل له (وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ) أُعْطِيَ بِلَا سُؤَالٍ، وَالْخَلِيلُ قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute