هُوَ فِي الظَّاهِرِ كَفَّ عَنِ التَّفْضِيلِ (الْوَجْهُ الثَّانِي) أَنَّهُ قَالَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى طَرِيقِ التَّوَاضُعِ وَنَفْيِ التَّكَبُّرِ وَالْعُجْبِ وَهَذَا لَا يَسْلَمُ مِنَ الاعْتِراضِ (الْوَجْهُ الثالث) أَلَّا يُفَضَّلَ بَيْنَهُمْ تضيلا يُؤَدِّي إِلَى تَنَقُّصِ بَعْضِهِمْ أَوِ الْغَضِّ مِنْهُ لَا سِيَّمَا فِي جِهَةِ يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذْ أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُ بِمَا أَخْبَرَ لِئَلا يَقَعَ فِي نَفْسِ مَنْ لَا يَعْلَمُ مِنْهُ بِذَلِكَ غَضَاضَةٌ وَانْحِطَاطٌ مِنْ رُتْبَتِهِ الرَّفِيعَةِ إِذْ قَالَ تَعَالَى عَنْهُ (إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ المشحون - إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عليه) فُرُبَّمَا يُخَيَّلُ لِمَنْ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ حَطِيطَتُهُ بِذَلِكَ (الْوَجْهُ رابع) مَنْعُ التَّفْضِيلِ فِي حَقِّ النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ فَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ فِيهَا عَلَى حَدٍّ وَاحِدٍ إِذْ هِيَ شئ وَاحِدٌ لَا يَتَفَاضَلُ وَإِنَّمَا التَّفَاضُلُ فِي زِيَادَةِ الْأَحْوَالِ وَالْخُصُوصِ وَالْكَرَامَاتِ وَالرُّتَبِ وَالْأَلْطَافِ وَأَمَّا النُّبُوَّةُ فِي نَفْسِهَا فَلَا تَتَفاضَلُ وَإِنَّمَا التَّفَاضُلُ بِأُمُورٍ أُخَرَ زَائِدَةٍ عَلَيْهَا وَلِذَلِكَ مِنْهُمْ رُسُلٌ وَمِنْهُمْ أُولُو عَزْمٍ مِنَ الرُّسُلِ وَمِنْهُمْ من رُفِعَ مَكَانًا عَليًّا وَمِنْهُمْ من أُوتِيَ الْحُكْمَ صَبِيًّا وأُوِتيَ بَعْضُهُمُ الزَّبُورَ
وبَعْضُهُمُ البَيّنَاتِ وَمِنْهُمْ من كَلَّمَ اللَّه وَرَفَعَ بَعْضُهُمْ دَرَجَاتٍ قَالَ اللَّه تَعَالَى (وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ) الآية وقال (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بعضهم على بعض) الآية قال بَعْض أَهْلُ الْعِلْمِ وَالتَّفْضِيلُ الْمُرَادُ لَهُمْ هُنَا فِي الدُّنْيَا وَذَلِكَ بِثَلاثَةِ أَحْوَالٍ أَنْ تَكُونَ آيَتُهُ وَمُعْجِزَاتُهُ أَبْهَرَ وَأَشْهَرَ أَوْ تَكُونَ أُمَّتُهُ أَزْكَى وَأَكْثَرَ أَوْ يَكُونَ فِي ذَاتِهِ أَفْضَلَ وَأَظْهَرَ وَفَضْلُهُ فِي ذَاتِهِ رَاجِعٌ إِلَى مَا خَصَّهُ اللَّه بِهِ من كَرَامَتِهِ وَاخْتِصَاصِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute