وعن كعب (عليكم بِالْقُرْآنِ فَإِنَّهُ فَهْمُ الْعُقُولِ وَنُورُ الْحِكْمَةِ) وَقَالَ تعالى (إن هذا القرآن يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) وَقَالَ (هَذَا بَيَانٌ للناس وهدى) الآية، فَجُمِعَ فِيهِ مَعَ وَجَازَةِ أَلْفَاظِهِ
وَجَوَامِعِ كَلِمِهِ أَضْعَافُ مَا فِي الْكُتُبِ قَبْلَهُ الَّتِي أَلْفَاظُهَا عَلَى الضِّعْفِ مِنْهُ مَرَّاتٍ * وَمِنْهَا جَمْعُهُ فِيهِ بَيْنَ الدَّلِيلِ وَمَدْلُولِهِ وَذَلِكَ أنَّهُ احْتَجَّ بِنَظْمِ الْقُرْآنِ وَحُسْنِ وَصْفِهِ وَإيجَازِهِ وَبَلَاغَتِهِ وَأَثْنَاءَ هَذِهِ الْبَلَاغَةِ أَمْرُهُ وَنَهْيُهُ وَوَعْدُهُ وَوَعِيدُهُ فَالتَّالِي لَهُ يَفْهَمُ مَوْضِعَ الْحُجَّةِ وَالتَّكْلِيفِ مَعًا من كَلَامٍ وَاحِدٍ وَسُورَةٍ مُنْفَرِدَةٍ * وَمِنْهَا أَنْ جَعَلَهُ فِي حَيّزِ الْمَنْظُوم الَّذِي لَمْ يُعْهَدْ وَلَمْ يَكُنْ فِي حَيِّزِ الْمَنْثُورِ لِأَنَّ الْمَنْظُومَ أسْهَلُ عَلَى النُّفُوسِ وَأَوْعَى لِلْقُلُوبِ وَأَسْمَعُ فِي الآذَانِ وَأَحْلَى عَلَى الْأفْهَامِ فَالنَّاسُ إليْهِ أَمْيَلُ وَالْأَهْوَاءُ إليْهِ أَسْرَعُ * وَمِنْهَا تَيْسِيرُهُ تَعَالَى حِفْظَهُ لِمُتَعَلّمِيهِ وَتَقْرِيبُهُ عَلَى مُتَحَفَّظِيهِ قَالَ اللَّه تَعَالَى (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا القرآن للذكر) وَسَائِرُ الْأُمَم لَا يَحْفَظُ كُتُبَهَا الْوَاحِدُ مِنْهُمْ فَكَيْفَ الْجَمَّاءُ عَلَى مُرُورِ السِّنِينَ عَلَيْهِمْ وَالْقُرْآنُ مُيَسَّرٌ حِفْظُهُ لِلْغِلْمَانِ فِي أَقْرَبِ مُدَّةٍ * وَمِنْهَا مُشَاكَلَةُ بَعْضِ أَجْزَائِهِ بَعْضًا وَحُسْنُ ائتِلافِ أنْوَاعِهَا والتيئام أَقْسَامِهَا وَحُسْنُ التَّخَلُّصِ من قِصَّةٍ إِلَى أُخْرَى والْخُرُوجِ من بَابٍ إِلَى غَيْرِهِ عَلَى اخْتِلَافِ مَعَانِيهِ وَانقِسَامِ السُّورَةِ الوَاحِدَةِ إِلَى أَمْرٍ وَنَهْيٍ وَخَبَرٍ وَاسْتِخْبَارٍ وَوَعْدٍ وَوعِيدٍ وَإِثْبَاتِ نُبُوَّةٍ وَتْوحِيدٍ وَتَفريدٍ وَتَرْغِيبٍ وَتَرْهِيبٍ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ من فَوَائِدِهِ دُونَ خَللٍ يَتَخَلَّلُ فسوله، وَالْكَلَامُ الفْصِيحُ إذَا اعْتَوَرَهُ مِثْلُ هَذَا ضَعُفَتْ قُوَّتُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute