للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خنقه يُبَلّغُونَهُم أوَامِرَه وَنَواهِيه وَوَعْدَه وَوَعِيدَه وَيُعَرِّفُونَهُم بِمَا لَم يَعْلَمُوه من أمره وحلقه وَجَلالِه وَسُلْطَانِه وَجَبَرُوتِه وَمَلَكُوتِه فَظَوَاهِرُهُم وَأَجْسَادُهُم وَبِنْيَتُهُم مُتَّصفَة بِأَوْصَاف الْبَشَر طَارِئ عَلَيْهَا مَا يَطْرَأ عَلَى البشر من الأعراض وَالْأسْقَام وَالْمَوْت وَالفَنَاء وَنُعُوت الإنْسَانِيّة وَأرْوَاحُهُم وَبَواطِنُهُم مُتّصِفَة بِأَعْلَى من أَوْصَاف الْبَشَر مُتَعَلّقَة بِالْمَلإ الْأَعْلَى مُتَشَبِّهَة بِصِفَات الْمَلَائِكَة سَلِيمَة مِن التَّغَيُّر والآفات لا يلحفها غَالِبًا عَجْز الْبَشَريَّة وَلَا ضَعْف الإنْسَانِيَّة إِذ لَو كَانَت بواطنهم خالصة للبشيرة كَظَوَاهِرِهِم لَما أطَاقُوا الْأخْذ عَن الْمَلَائِكَة وَرُؤْيَتَهُم ومخاطبتهم ومخالتهم كَمَا لَا يُطِيقُه غَيْرهم مِن الْبَشَر وَلَو كَانَت أجْسَادُهُم وَظَوَاهِرُهُم مُتّسمة بِنُعُوت الْمَلَائِكَة وَبِخِلَاف صِفَات الْبَشَر لَما أطَاق الْبَشَر وَمن أُرْسِلُوا إليْه مُخَالطَتَهُم كَمَا تَقَدَّم من قول اللَّه تَعَالَى.

فَجُعِلُوا من جهة الْأجْسَام وَالظَّوَاهِر مَع الْبَشَر وَمِن جِهَة الْأَرْوَاح وَالْبَوَاطِن مَع الْمَلَائِكَة، كَمَا قَال صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم (لَو كُنْت مُتَّخِذًا من أُمَّتِي خَلِيلًا لاتَّخَذْت أَبَا بكر خليلا ولكن أحوة الْإسْلام لَكِن صَاحِبُكُم خَلِيل الرَّحْمن) وكما قَال (تام عَيْنَايَ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي) إنّي لَسْت كَهَيْئَتِكُم إنّي أظَلّ يُطْعِمُني رَبّي وَيُسْقِيني فَبَوَاطنُهُم مُنزَّهَة عَن الآفات مُطَهَّرَة عَن القائص والاعتلالات، وهذا جُمْلَة لَن يَكْتَفَي بِمَضْمُونهَا كُلّ ذي هِمَّة بَل الْأَكْثَر يَحْتاج إِلَى بَسْط وتفضيل عَلَى مَا نَأْتِي بِه بَعْد هَذَا فِي الْبَابَيْن بَعَوْن اللَّه تَعَالَى وَهُو حَسبي وَنِعْم الوكيل


(قوله إنى أظل) بفتح الظاء المعجمة (قوله يطعمنى) قيل على ظاهره وإطعام أهل الجنة لا يفطر وقيل معناه يجعله في قوة الطاعم والشارب (*)