أَنّ الفَتْرَة لِأَمْر أَو سَبَب مِنْه فَخَشِي أن تَكُون عُقُوبَة من رَبّه فَفَعَل ذَلِك بِنَفْسِه وَلَم يَرِد بَعْد شَرْع بِالنَّهْي عَن ذَلِك فَيُعْتَرَض بِه، ونحو
هذا فِرَار يُونُس عَلَيْه السَّلَام خَشيَة تَكْذِيب قَوْمِه لَه لَمّا وَعَدَهُم بِه مِن العَذَاب وقول اللَّه فِي يُونُس (فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عليه) مَعْنَاهُ أن لَن نُضَيّق عَلَيْه، قَال مَكّيّ طَمِع فِي رَحِمَة اللَّه وَأَن لَا يُضَيّق عَلَيْه ملكه فِي خُرُوجِه وَقِيل حَسَّن ظَنَّه بِمَوْلاه أنَّه لا يقصى عَلَيْه العُقُوبَة وَقِيل نُقَدّر عَلَيْه مَا أصَابَه، وَقَد قُرِئ نُقَدّر عَلَيْه بِالتّشْدِيد وقيل نواحذه بِغَضَبِه وَذَهَابِه، وَقَال ابن زَيْد مَعْنَاه أفظن أن لَن نَقْدِر عَلَيْه؟ عَلَى الاسْتِفْهَام وَلَا يَلِيق أَن يُظَنّ بِنَبِيّ أَنّ يَجْهَل صفَة من صِفَات رَبّه، وَكَذَلِك قَوْله (إِذْ ذَهَبَ مغاضبا الصَّحِيح مُغَاضِبًا لِقَوْمِه لِكُفْرِهِم وَهُو قَوْل ابن عَبَّاس والضَّحَّاك وَغَيْرِهِمَا لَا لِرَبّه عَزّ وَجَلّ إِذ مُغَاضَبَة اللَّه مُعَادَاة لَه وَمَعادَاة اللَّه كفر لا لميق بِالْمُؤْمِنين فَكَيْف بِالْأَنْبِيَاء؟ وقيل مستحيبا من قومه أن يَسِمُوه بِالْكَذِب أَو يَقْتُلُوه كَمَا وَرَد فِي الْخَبَر وَقِيل مُغَاضِبًا لِبَعْض الْمُلُوك فِيمَا أَمَرَه بِه مِن التَّوَجُّه إِلَى أمر أمره اللَّه بِه عَلَى لِسان نَبِيّ آخر فَقَال لَه يُونُس غَيْرِي أقْوَى عَلَيْه مِنّي فَعَزَم عَلَيْه فَخَرَج لِذلِك مُغَاضِبًا، وَقَد رُوِي عَن ابن عَبَّاس أَنّ إرْسَال يُونُس وَنُبُوَّتَه إنَّمَا كَان بَعْد أَنْ نَبَذَه الْحُوت وَاسْتُدِلّ مِن الآيَة بِقَوْلِه (فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ.
هو سَقِيمٌ، وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ، وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ ألف) وَيُسْتَدَل أيْضًا بِقَوْلِه (وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ) وَذَكَر الْقِصَّة ثُمّ قَال (فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ) فَتَكُون هَذِه الْقِصَّة إذا
(قوله وَقَال ابن زَيْد) كذا في أكثر النسخ وفى تفسير البغوي، والظاهر أنه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وفى بعض النسخ أبو يزيد (*)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute