للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَابْن خَيْران مِن الشَّافِعِيَّة وَأكْثَر الشَّافعِيَّة عَلَى أَنّ ذَلِك نَدْب، وذهبت طائِفَة إِلَى الإبَاحَة.

وَقَيَّد بَعْضُهُم الاتّبَاع فِيمَا كَان مِن الْأُمُور الدينِيَة وعُلِم بِه مَقْصِد الْقُرْبَة وَمِن قَال بالإبَاحَة فِي أفعاله لم يقبد قَال فَلَو جَوَّزْنَا عَلَيْهِم الصَّغَائِر لَم يُمْكِن الاقْتِدَاء بهم فِي أفْعَالِهِم، إِذ لَيْس كُلّ فِعْل مِن أفْعَالِه يَتَمَيَّز مقصد به مِن القُرْبَة أَو الإبَاحَة أَو الحَظَر أَو المَعْصِيَة،

وَلَا يصح أو يُؤْمَر المَرء بِامْتِثال أمْر لَعَلَّه مَعْصِيَة لَا سِيمَّا عَلَى من يَرَى مِن الأُصُولِيّين تَقْدِيم الفِعْل عَلَى القَوْل إذَا تعارضا، ونزيد هَذَا حُجَّة بأن نَقُول من جَوَّز الصَّغَائِر وَمِن نَفَاها عَن نَبِيّنا صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم مُجْمِعُون عَلَى أنَّه لَا يُقِرّ عَلَى مُنْكَر من قَوْلُ أَو فِعْل وَأنَّه مَتَى رَأَى شَيْئًا فَسَكَت عَنْه صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم دَلّ عَلَى جَوَازِه فَكَيف يَكُون هَذَا حالُه فِي حَقّ غيرهن ثُمّ يُجَوَّز وُقُوعُه مِنْه فِي نَفْسِه وَعَلَى هَذَا المَأْخَذ تَجِب عِصْمَتُه من مُوَاقَعَة المَكْرُوه كَمَا قيل وإذ الحظْر أَو النَّدْب عَلَى الاقْتِدَاء بِفِعْلِه يُنَافي الزَّجْر وَالنَّهْي عَن فِعْل المكْرُوه، وأيضا فَقَد علم من دين الصَّحَابَة قَطْعًا الاقْتِدَاء بِأفْعَال النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم كَيْف تَوَجَّهَت وَفِي كُلّ؟ ؟ كالاقْتِدَاء بِأمْوَالِه فَقَد نَبَذُوا خَواتيمَهُم حِين نَبَذ خَاتَمَه، وَخَلَعُوا نِعَالَهُم حِين خَلَع وَاحْتِجَاجُهُم بِرُؤْيَة ابن عُمَر إيّاه جَالسًا لِقَضَاء حَاجَتِه مُسْتَقْبلًا بَيْت الْمَقْدِس وَاحْتَجّ غَيْر وَاحِد مِنْهُم فِي غير شئ مِمَّا بابُه العِبَادة أَو العَادَة بِقَوْلِه رَأَيْت رسول الله صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُه وَقَال: (هَلا خَبَّرْتِيهَا أَنِّي أُقَبِّلُ وَأَنَا صَائِمٌ) وَقَالَت عَائِشَةُ مُحْتَجَّةً: (كُنْتُ أَفْعَلُهُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وغَضِبَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عَلَى الَّذِي أَخْبَرَ بِمِثْلِ هَذَا عَنْهُ


(قوله وابن خيران) هو أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بن صالح بن خيران البغدادي.
(*)