للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هُو خَارِج عَن هَذَا مِمَّا يَخْتَصّ بِنَفْسِه، أَمَّا الأوّل فَحُكْمُه عِنْد جَمَاعَة مِن الْعُلمَاء حُكْم السَّهْو فِي القَوْل فِي هَذَا الْبَاب، وَقَد ذَكَرَنا الاتّفَاق عَلَى امْتنَاع ذَلِك فِي حَقّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم وَعِصْمَتِه من جوازه عليه قَصْدًا أو سَهْوًا، فكذلك قَالُوا الأفْعَال فِي هَذَا الْبَاب لَا يَجُوز طُرُوّ المُخَالَفَة فِيهَا لَا عَمْدًا وَلَا سَهْوًا لِأَنّهَا بِمَعْنَي القَوْل من جهة التَّبْلِيغ وَالأَداء وَطُرُوّ هَذِه العَوَارِض عَلَيْهَا يُوجِب التَّشكِيك وَيُسَبَّب المَطَاعِن، واعتذوا عَن أحَاديث السَّهْو بِتَوْجِيهَات نَذْكُرُها بَعْد هَذَا وإلى هَذَا مال أبو إسحاق، وذهب الأكَثْر مِن الفُقَهاء وَالمُتَكَلمِين إِلَى أَنّ المُخَالَفَة فِي الأفْعَال البَلاغِيَّة وَالأحْكَام الشَّرْعِيّة سَهْوًا وَعَن غَيْر قَصْد مِنْه جَائز عَلَيْه كَمَا تفرر من أحَاديث السَّهْو في

الصلاة وترقوا بَيْن ذَلِك وَبَيْن الأقْوَال البَلاغِيَّة لِقِيَام الْمُعْجِزَة عَلَى الصّدْق فِي القَوْل وَمُخَالَفَة ذَلِك تُناقِضُهَا وَأَمَّا السَّهْو فِي الأفْعَال فغير مناقص لَهَا وَلَا قادِح فِي النُّبُوَّة بَل غَلَطَات الفعل وعفلات القَلْب من سِمَات البشر كَمَا قَال صَلَّى الله عليه وسلم (إنما أنا بَشَرٌ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي) نَعَمْ بَلْ حَالَهُ النِّسْيَانُ وَالسَّهْو هُنَا فِي حَقِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَبُ إِفَادَةِ عِلْمٍ وَتَقْرِيرِ شَرْعٍ كما قال صلى الله عليه وسلم (إِنِّي لأَنْسَى أَوْ أُنَسَّى لِأَسُنَّ) بَلْ قد رُوِيَ (لَسْتُ أَنْسَى وَلَكِنْ أُنسَّى لِأَسُنَّ) وَهَذِه الحالة زيادة لَه فِي التبليغ وتمام عليه فِي النّعْمَة بعيدة عَن سمات النقص وأغراض الطعن فإن القائلين بتجويز ذَلِك يشترطون أَنّ الرُّسُل لَا تُقَر عَلَى السهو والغلط بَل ينبهون عَلَيْه ويعرفون حكمه بالفور عَلَى قَوْل بَعْضُهُم وَهُو الصَّحِيح وَقَبْل انقراضهم عَلَى قَوْل الآخرين وَأَمَّا مَا لَيْس طريقه الْبَلَاغ وَلَا بيان الأحكام من


(قوله لا يجوز طروه) بهمزة في آخره أو بواو مشددة لغتان فيه.
(*)