للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَذَكَر الْأَنْبِيَاء فِي المَوْقِف ذُنُوبَهُم فِي حَدِيث الشَّفَاعَة، وَقَوْلُه (إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي فَأَسْتَغْفَرُ اللَّهَ) وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة (إِنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً) وَقَوْلُهُ تَعَالَى عَنْ نُوحٍ (وَإِلا تَغْفِرْ لى وترحمني) الآيَةَ، وَقَدْ كَانَ قَالَ اللَّه لَه (وَلا تخاطبي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إنهم مغرقون) وَقَال عَن إبْرَاهِيم (وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يوم الدين) وَقَوْلُه عَن مُوسَى (تبت إليك) وَقَوْلُه (وَلَقَدْ فَتَنَّا سليمان) إِلَى مَا أشْبَه هَذِه الظَّوَاهِر، فأمَّا احْتِجَاجُهُم يقوله (لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ) فَهَذَا قَد اخْتُلِف فِيه الْمُفَسِّرُون، فَقِيل المُرَاد مَا كَان قَبْل النُّبُوَّة وَبَعْدَهَا، وَقِيل المُرَاد مَا وَقَع لَك من ذَنْب وَمَا لَم يَقَع أعْلَمَه أنَّه مغَفُور لَه، وَقِيل المُتَقَدّم مَا كَان قَبْل النُّبُوَّة وَالمُتأخّر عِصْمتُك بَعْدَهَا، حَكَاه أَحْمَد بن نَصْر، وَقِيل المُرَاد بِذَلِك أمَّتَه صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم وَقِيل المُرَاد مَا كَان عَن سَهو وَغَفْلَة وَتَأوِيل، حَكاه الطَّبَرِيّ واخْتَارَه

الْقُشَيْرِيّ، وَقِيل مَا تَقَدَّم لِأَبِيك آدَم وَمَا تَأخَّر من ذُنُوب أُمَّتِك، حَكاه السَّمْرَقَنْدِيّ والسُّلَمِيّ عَن ابن عطاء وَبِمِثْلِه وَالَّذِي قَبْلَه يُتَأوّل قَوْله: (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) قَال مَكّيّ مُخَاطَبَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم ههُنَا هي مخالطبة لُأمَّتَه، وَقِيل إن النبي صلى اللَّه عليه وسلم لما أمر أن يَقُول (وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بكم) سُرّ بِذَلِك الكُفَّار فَأنْزَل اللَّه تَعَالَى (لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ) الآيَة وَبمآل الْمُؤْمِنين فِي الآية الْأُخْرَى بَعْدَهَا، قاله ابن عَبَّاس، فَمَقْصِد الآيَة أنك مَغْفُور لَك غَيْر مُؤَاخَذ بِذَنْب أَنّ لَو كَان، قال بَعْضُهُم: المَغْفِرَة ههُنَا تَبْرِئَة مِن الْعُيُوب، وَأَمَّا قَوْله (وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ)