للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التي لَا مَحِيص عَنْهَا وَأَصَاب غَيْرِه مِن الْأَنْبِيَاء مَا هُو أَعْظَم مِنْه فَقُتّلُوا قَتْلًا وَرُمُوا في النار ونشروا بالْمَنَاشِير وَمِنْهُم من وَقَاه اللَّه ذَلِك فِي بَعْض الأوْقَات وَمِنْهُم من عَصَمَه كَمَا عُصِم بَعْد نَبِيُّنَا مِن النَّاس فَلَئِن لَم يَكْف نَبَيَّنَا رَبَّه يَد ابن قَمِئَة يَوْم أُحُد وَلَا حَجَبَه عَن عُيُون عِدَاه عِنْد دَعْوَتِه أَهْل الطَّائِف فَلَقَد أَخَذ عَلَى عُيون قُرَيْش عِنْد خُرُوجِه إِلَى ثَوْر وَأمْسَك عَنْه سَيْف غَوْرَث وَحَجَر أَبِي جَهْل وَفَرَس سُرَاقَة وَلَئِن لَم يَقِه من سِحْر ابن الأعْصَم فلقد وَقَاه مَا هُو أعْظَم من سَمّ اليَهُودِيَّة وهكذا سَائِر أنْبِيَائِه مُبْتَلى وَمُعَافى وَذَلِك من تَمَام حِكْمَتِه لِيُظْهِر شَرَفَهُم فِي هَذِه المَقَامَات وَيُبَيَّن أمْرَهُم وَيُتِمّ كَلِمَتَه فِيهِم وَلِيُحَقَّق بامْتِحَانِهِم بَشَرِيَّتَهُم وَيَرْتَفِع الالْتِبَاس عَن أَهْل الضعف فِيهِم لئلًا يَضلُّوا بِمَا يَظْهَر مِن العَجَائِب عَلَى أيديهم ضَلَال النصاري بِعِيسَى ابن مَرْيَم وليكون فِي محنهم تسلية لأممهم ووفور لأجورِهِم عِنْد ربهم تَمَامًا عَلَى الَّذِي أحسن إِلَيْهِم، قَال بَعْض المُحَقَّقِين وهذه الطوارى وَالتَّغْييرَات المَذْكُورَة إنَّمَا تَخْتَصّ بِأجْسَامِهِم الْبَشَريَّة المقصود بِهَا مُقَاومَة البشر ومعناة بَنِي آدَم لمُشَاكَلة الجِنْس وَأَمَّا بوَاطِنُهُم فمنزهه غالبًا عَن ذَلِك معصومة منه متعلقة بالملإ الأعْلَى وَالْمَلَائِكَة لأخْذِهَا عَنْهُم وَتَلَقّيهَا الوَحْي مِنْهُم قال وقد قال صلى الله عليه وسلم (إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي) وَقَال (إِنِّي لَسْتُ كهيئتكم إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني) وَقَالَ (لَسْتُ

أَنْسَى وَلَكِنْ أُنَسَّى لِيُسْتَنَّ بِي) فَأخْبَر أَنّ سِرَّه وَباطِنَه وروحه خلاف جسمه وظاهره وَأَنّ الآفات التي تحل ظاهرة من ضعف وجوع وسهر


(قوله ووشروا) يقال أشرت الخشبة إشراء ووشرتها وشرا: إذا شققتها، مثل نشرتها، والمئشار بالهمزة: المنشار بالنون، وقد تترك الهمزة (*)