للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَمّا سلف لَهُم من شرط الولاء لأنفسهم قَبْل ذَلِك * وَوَجْه ثان أَنّ قَوْله صَلَّى الله عليه وسلم (اشترط لَهُمُ الْوَلَاءَ) لَيْس عَلَى مَعْنَي الأمْر لَكِن عَلَى مَعْنَي التَّسْوِيَة والإعْلام بأنّ شَرْطَه لَهُم لَا يَنْفَعُهُم بَعْد بَيَان النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم لَهُم قَبْل أَنّ الْوَلَاء لمن أعْتَق فَكَأنه قال: (اشترطي أولا تَشْتِرِطِي فَإِنَّهُ شَرْطٌ غَيْرُ نَافِعٍ، وَإِلَى هَذَا ذهب الداوودى وَغَيْرُهُ وَتَوْبِيخُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ وَتَقْرِيعُهُمْ عَلَى ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى عِلْمِهِمْ بِهِ قَبْلَ هَذَا * الْوَجْه الثّالِث أَنّ مَعْنَي قَوْلِه (اشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ) أي: أظْهِرِي لَهُم حُكْمَه وَبَيّنِي عِنْدَهُم سَنّتَه أَنّ الْوَلَاء إنَّمَا هُو لِمَن أعْتَق، ثُمّ بَعْد هَذَا قَام هُو صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم مُبَيّنًا ذَلِك وَمُوَبّخًا عَلَى مُخَالَفَة مَا تَقَدّم مِنْه فِيه، فَإِنّ قِيل فَمَا مَعْنَي فعل يُوسُف عَلَيْه السَّلَام بأخِيه إِذ جَعَل السّقَايَة فِي رَحْلِه وَأخَذِه باسْم سَرِقَتِهَا وَمَا جَرَى عَلَى إخْوتِه فِي ذلك وقوله إنكم لسارقون وَلَم يَسْرِقُوا؟ فاعْلَم أكْرَمَك اللَّه أَنّ الآيَة تَدُلّ عَلَى أَنّ فِعْل يُوسُف كَان من أمْر الله لقومه تعالى (كذلك؟ ؟ ؟ ؟ لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ) الآيَة فَإِذَا كَان كَذَلِك فَلَا اعْتِرَاض بِه كَان فِيه مَا فِيه، وأَيْضًا فَإِنّ يُوسُف كَان أعْلَم أخاه بأنّي أَنَا أخُوك فَلَا تَبْتَئِس فكان مَا جرى عَلَيْه بَعْد هَذَا من وَفَّقَه ورغبته وَعَلَى يقين من عقى الخَيْر لَه بِه وَإزَاحَة السُّوء وَالمَضَرَة عَنْه بِذَلِك، وَأَمَّا قَوْله (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ) فَلَيْس من قَوْل يُوسُف فَيَلْزَم عَلَيْه جَوَاب يَحِلّ شُبَهَه ولعل قائله


(قوله كَان فِيه مَا فيه) هو بدل من قوله فَلَا اعْتِرَاض بِه جواب لإذا، والذى فيه هو أنه كيف يجوز أن يأمر الله بمثل هذا؟ (*)