للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقَرّ بالسَّبّ وتاب مِنْه وأظْهَر التَّوْبَة قُتِل بالسَّبّ لِأَنَّه هُو حَدُّه وَقَال أَبُو مُحَمَّد بن أَبِي زَيْد مِثْلُه وَأَمَّا مَا بَيْنَه وَبَيْن اللَّه فَتَوْبَتُه تَنْفَعُه، وَقَال ابن سُحْنُون من شَتَم النبي صلى الله عليه وسلم مِن المُوَحّدِين ثُمّ تَاب عَن ذَلِك لَم تزل توبته عنه القَتْل وَكَذَلِك قَد اخْتُلِف فِي الزّنْدِيق إذَا جاء تائبًا فحكى الْقَاضِي أَبُو الْحَسَن بن الْقَصّار فِي ذَلِك قَوْلَيْن، قَال من شُيُوخَنَا: من قَال أقْتُلُه بإقْرَارِه لِأَنَّه كَان يَقْدِر عَلَى سَتْر نَفْسِه فَلَمّا اعْتَرَف خِفْنَا أنَّه خَشِي الظُّهُور عَلَيْه فَبَادر لِذَلِك وَمِنْهُم من قَال اقْبَل تَوَبتَه لأني أسْتَدِلّ عَلَى صحّتِهَا بمَجِيئِه فَكَأنّنَا وَقَفْنَا عَلَى باطِنِه بِخِلَاف من أسَرَتْه البَيّنَة قَال الْقَاضِي أَبُو الْفَضْل وَهَذَا قَوْل أصْبَغ وَمَسْألَة سَابّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم أقْوَى لَا يُتَصَوّر فِيهَا الخِلَاف عَلَى الأصل المتقدم لِأَنَّه حَقّ مُتَعَلق للنَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم ولأمّتِه بِسَبَبه لَا تُسْقطُه التّوْبَة كَسَائِر حُقُوق الآدَميّين وَالزّنْدِيق إذَا تَاب بَعْد القُدْرَة عَلَيْه فَعِنْد مَالِك وَاللَّيْث وَإِسْحَاق وَأَحْمَد لَا تُقْبَل تَوْبَتُه وعند الشَّافِعِيّ تُقْبَل وَاخْتُلِف فِيه عَن أَبِي حنيفة وَأَبِي يُوسُف وَحَكَى ابن المُنْذِر عَن عَلِيّ بن أَبِي طَالِب رَضِي اللَّه عَنْه يُسْتَتَاب، قَال مُحَمَّد بن سُحْنُون وَلَم يَزُل الْقَتْل عَن المسلم بالتّوْبَة من سَبّه صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم لِأَنَّه لَم يَنْتَقل من دِين إِلَى غَيْرِه وَإِنَّمَا فعل


(قوله وأبى يوسف) هو القاضى صاحب أبى حنفية يعقوب بن إبراهيم بن خبيب بن حبيش بن سعد بن خيثمة الأنصاري توفى سنة اثنين وثمانين ومائة وهو ابن تسع وستين سنة روى عنه أحمد بن حنبل وابن معين وغيرهما (*)