للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَم يُسْلم لأنا لَم نُعْطِه الذَّمَّة أَو العَهْد عَلَى هَذَا وَهُو قَوْل عامّة الْعُلمَاء إلَّا أَبَا حَنِيفَة والثَّوْرِيّ وأتْباعَهُما من أَهْل الكُوفَة فَإِنَّهُم قَالُوا لَا يُقْتَل

لِأَنّ مَا هُو عَلَيْه مِن الشّرْك أعظم وَلَكِن يُؤْدّب ويعذر واسْتَدَلّ بَعْض شُيُوخنا عَلَى قَتْلِه بِقَوْلِه تَعَالَى (وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دينكم) الآيَة، وَيُسْتَدَلّ أيْضًا عَلَيْه بِقَتْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم لابن الأشْرَف وأشْباهِه ولأنَّا لَم نُعاهِدْهُم وَلَم نُعْطِهِم الذَّمّة عَلَى هَذَا وَلَا يَجُوز لَنَا أن نَفْعَل ذَلِك مَعَهُم فَإِذَا أتَوْا مَا لَم يُعْطَوْا عَلَيْه العَهْد وَلَا الذّمَّة فَقَد نَقَضُوا ذِمَّتَهُم وصارُوا كُفّارًا أَهْل حَرْب يُقْتَلُون لِكُفْرِهِم وأيضًا فَإِنّ ذِمَّتَهُم لَا تُسْقط حُدود الْإِسْلَام عَنْهُم مِن القَطْع فِي سَرِقَة أمْوالِهِم والقَتْل لِمَن قَتَلُوه مِنْهُم وَإِنّ كَان ذَلِك حلالًا عندهم فكذلك سبهم للنبي صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم يقتلون بِه ووردت لأصحابنا ظواهر تقتضي الخِلَاف إذَا ذكره الذمي بالوجه الَّذِي كفر بِه ستقف عَلَيْهَا من كَلَام ابن الْقَاسِم وَابْن سُحْنُون بَعْد وَحَكَى أَبُو المصعب الخِلَاف فِيهَا عَن أصحابه المدنيين واختلفوا إذَا سبه ثُمّ أسلم فَقِيل، يسقط إسلامه قتله لِأَنّ الْإِسْلَام يجب مَا قبله بخلاف المسلم إذَا سبه ثم ناب لأنا نعلم باطنة الكافر فِي بغضه لَه وتنقصه بقلبه لكنا منعناه من إظهاره فَلَم يزدنا مَا أظهره إلَّا مخالفة للأمر ونقضًا للعهد فَإِذَا رجع عَن دينه الأوّل إِلَى الْإِسْلَام سقط مَا قبله، قَال اللَّه تَعَالَى (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ) والمُسْلِم بخلافه