للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثَلَاثَة أمور أحَدُهَا الْجَهْل بالله تَعَالَى وَالثاني أن يَأْتِي فِعْلًا أَو يَقُول قَوْلًا يُخْبِر اللَّه وَرَسُولُه أَو يُجْمِع الْمُسْلِمُون أَنّ ذَلِك لَا يَكُون إلَّا من كافر كالسُّجُود لِلصّنَم وَالمْشي إِلَى الكَنَائِس بالتِزَام الزّنَّار مَع أَصْحَابِهَا فِي أعْيَادِهِم أَو يَكُون ذَلِك القَوْل أَو الْفِعْل لَا يُمْكِن مَعَه الْعِلْم بالله قَال فهذان الضّرْبَان وإن لَم يَكُونا جَهْلًا بالله فَهُمَا عَلَم أَنّ فاعِلَهُمَا كافِر مُنْسِلخ مِن الْإِيمَان فَأَمَّا من نَفَى صِفَة من صِفَات اللَّه تَعَالَى الذَّاتِيَّة

أَو جَحَدَهَا مُسْتَبْصِرًا فِي ذَلِك كَقَوْلِه: لَيْس بِعَالِم ولا قادر وَلَا مُريد وَلَا مُتَكَلّم وَشِبْه ذَلِك من صِفَات الكَمَال الْوَاجِبَة لَه تَعَالَى فَقَد نصّ أئِمّتُنَا عَلَى الإجماع عَلَى كُفْر من نَفَى عَنْه تَعَالَى الوَصْف بِهَا وَأعْرَاه عَنْهَا وَعَلَى هَذَا حُمَل قَوْل سُحْنُون من قَال لَيْس لله كلام فهو كافر وَهُو لَا يُكَفّر المُتَأَوَّلِين كَمَا قَدَّمْنَاه فَأَمَّا من جَهِل صِفَة من هذه الصفات فاخْتَلَف الْعُلمَاء ههنا فَكَفّرَه بَعْضُهُم وحُكِي ذَلِك عَن أَبِي جَعْفَر الطَّبَرِيّ وَغَيْرُه وَقَال بِه أَبُو الْحَسَن الْأَشْعَرِيّ مَرَّة وذَهَبَت طَائِفَة إِلَى أَنّ هَذَا لَا يُخْرِجُه عَن اسْم الْإِيمَان وَإليْه رَجَع الْأَشْعَرِيّ قَال: لِأَنَّه لَم يَعْتَقِد ذَلِك اعْتَقَادًا يَقْطَع بِصَوَابِه وَيَرَاه دِينًا وَشَرْعًا وَإِنَّمَا يَكْفُر مَنِ اعتَقَد أَنّ مَقَالَه حَقّ واحَتجّ هَؤْلَاء بِحَدِيث السّوْدَاء وَأَنّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إنما


(قوله وَهُو لَا يُكَفّر) بسكون الهاء وفتح الواو ضمير غيبة عائد على سحنون (قوله لحديث السوداء) هو ما رواه أبو داود في الإيمان والنسائي في الوصايات من حديث الشريد بن سويد الثقفى أن أمه أوصته أن يعتق عنها رقبة مؤمنة فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى الله عليه وسلم وَقَالَ يَا رَسُولَ الله إن أمي أوصت أن أعتق عنها رقبة مؤمنة وعندي جارية سوداء نوبية فذكر نحو حديث معاوية بن الحكم السلمى إلى أن قال أين الله؟ قالت في السماء، قال من أنا؟ قالت: أنْت رَسُول اللَّه، قال أعتقها فإنها مؤمنة (*)