للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَيْهِ السَّلَامُ فَضِيلَةٌ زَائِدَةٌ لِكَوْنِهَا مُشْغِلَةً فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ حَاطَّةً إِلَى الدُّنْيَا، ثُمَّ هِيَ فِي حَقِّ مَنْ أُقْدِرَ عَلَيْهَا وَمُلِّكَهَا وَقَامَ بِالْوَاجِبِ فِيهَا وَلَمْ يَشْغَلْهُ عَنْ رَبَّهِ دَرَجَةٌ عَلْيَاءُ وَهِيَ دَرَجَةُ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي لَمْ تَشْغَلْهُ كَثْرَتُهُنَّ عَنْ عِبَادَةِ رَبِّهِ بَلْ زَادَهُ ذَلِكَ عِبَادَةً لِتَحْصِينِهِنَّ وَقِيَامِهِ بِحُقُوقِهِنَّ وَاكْتِسَابِهِ لَهُنَّ وَهِدَايَتِهِ إِيَّاهُنَّ بَلْ صَرَّحَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ حُظُوظِ دُنْيَاهُ هُوَ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ حُظُوظِ دُنْيَا غَيْرِهِ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ (حُبِّبَ إِلَيَّ مِنْ دُنْيَاكُمْ) فَدَلَّ أَنَّ حُبَّهُ لِمَا ذُكِرَ مِنَ النِّسَاءِ وَالطِّيبِ اللذين هما من أَمْرِ دُنْيَا غَيْرِهِ وَاسْتِعْمَالَهُ لِذَلِكَ لَيْسَ لِدُنْيَاهُ بَلْ لآخِرَتِهِ، لِلْفَوَائِدِ التي ذَكَرْنَاهَا فِي التَّزْوِيجِ وَلِلِقَاءِ الْمَلَائِكَةِ فِي الطَّيبِ وَلِأَنَّهُ أيْضًا مِمَّا يَحُضُّ عَلَى الْجِمَاعِ وَيُعِينُ عَلَيْهِ وَيُحَرِّكُ أَسْبَابَهُ، وَكَانَ حُبُّهُ لِهَاتَيْنِ الْخَصْلَتَيْنِ لِأَجْلِ غَيْرِهِ وَقَمْعِ شَهْوَتِهِ وَكَانَ حُبُّهُ الْحَقِيقِيُّ الْمُخْتَصُّ بِذَاتِهِ فِي مُشَاهَدَةِ جَبَرُوتِ مَوْلَاهُ وَمُنَاجَاتِهِ وَلِذَلِكَ مَيَّزَ بَيْنَ الْحُبَّيْنِ

وَفَصَلَ بَيْنَ الْحَالَيْنِ فَقَالَ (وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ) فَقَدْ سَاوَى يَحْيَى وَعِيسَى فِي كِفَايَةِ فِتْنَتَهِنَّ وَزَادَ فَضِيلَةً بِالْقِيَامِ بِهِنَّ، وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ أُقْدِرَ عَلَى الْقُوَّةِ فِي هَذَا وَأعْطِيَ الْكَثِيرَ مِنْهُ وَلِهَذَا أُبِيِحَ لَهُ مِنْ عَدَدِ الْحَرَائِرِ مَا لَمْ يُبَحْ لِغَيْرِهِ، وَقَدْ رُوِينَا عَنْ أَنَسٍ أنَّهُ صلى الله عليه


(قوله حاطة) بالحاء والطاء المشددة المهملتين (قوله أقدر) بضم الهمزة وكسر الدال (قوله ولم يشغله) بفتح المثناة التحتية في أوله (قوله وقد روينا) قال المزى يقال روينا بفتح الراء والواو وروينا بضم الراء وكسر الواو المشددة.
(*)