فيه حجة لمن صحح إظهار ضمير الجمع والتثنية في الفعل إذا تقدم، وحكوا فيها قول من قال من العرب وهم بنو الحارث: (أكلوني البراغيث) وعليه حمل الأخفش قوله تعالى: وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الأنبياء: ٣. وأكثر النحاة يأبون هذا، ومنهم سيبويه، ويتأولون هذا ومثله، ويجعلون الاسم (الذين) بدلا من الضمير، ولا يرفعونه بالفعل، كأنه لمّا قال: (أسروا) قال: من؟ قال: (الذين ظلموا). وقال القرطبي: الواو في قوله: (يتعاقبون) علامة الفعل المذكر المجموع على لغة بني الحارث، وهم القائلون: أكلوني البراغيث، وهي لغة فاشية، وعليه حمل الأخفش قوله تعالى: وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا وقد تعسف بعض النحاة في تأويلها، وردوها للبدل، وهو تكلف مستغنى عنه، فإن تلك اللغة مشهورة، ولها وجه من القياس واضح. وقال الحافظ ابن حجر: وقد توارد جماعة من الشرّاح على أن حديث الباب من هذا القبيل، ووافقهم ابن مالك، وناقشه أبو حيّان قائلا: إن هذا الطريق اختصرها الراوي، وقد أخرجه النوار بلفظ: (الملائكة يتعاقبون فيكم) فقوي بحث أبي حيان، قلت: (يعني السيوطي) قد سبق أبا حيان إلى هذا الاستدراك أبو علي. وأما ابن مالك فإنه يسمي هذه اللغة في تصانيفه لغة: (يتعاقبون فيكم ملائكة) وتبعه الرضي على ذلك بعد أن كان النحاة يسمونها لغة: (أكلوني البراغيث)». وانظر شرح الكافية الشافية ٥٨١ وابن الناظم ٨٤ والمرادي ٢/ ٧ والجني الداني ١٧٠ والمغني ٣٦٥ والهمع ١/ ١٦٠ وارتشاف الضرب ١/ ٣٥٤ وشرح الكافية ٢/ ١٤٤ وتخريج أحاديث الرضي في شرح الكافية ٧٢ - ٧٤ وغيرها. (١) البيت من الطويل، قاله عبيد الله بن قيس الرقيات القرشي، مات بالكوفة سنة ٨٥ هـ، وقيل: لقّب بالرقيات لغزله في نساء كل واحدة منهن اسمها رقية. -