للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال الحسن البصري-رحمه الله-: "أدرَكْنا أقوامًا كانوا يتركون سبعين بابًا مَن الحلال؛ خشية الوقوع في بابٍ مِنَ الحرام" (١).

وثبتَ عن الصِّديق أنه أكلَ شُبهَةً غير عالِمٍ بها، فَلَمَّا علِمَها ادخَلَ يَدَهُ في فيه فَتَقَيَّأهَا (٢).

وقال أبو ذرٍّ - رضي الله عنه -: "تمام التَّقوى أن يتَّقِيَ اللهَ العَبْدُ بتركِ بعض الحلالِ مَخَافَةَ أنْ يكونَ حرامًا، حِجَابًا بينَهُ وبينَ الحرام" (٣).

وقيل لإبراهيم بن أدهم -رحمه الله-: ألَا تَشْرَب مِن ماءِ زَمزَم؟ فقال: "لو كانَ لي دَلوٌ لَشَرِبتُ" (٤). إشارة إلى أنَّ الدَّلوَ مِن مالِ السُّلطان، وكانَ يشبهه في الحديث: "أفتِ نفسكَ وإن أفتاكَ المُفْتُونَ" وسيأتي في الحديث السابع بعدَ العِشرين "وإن أفتاكَ الناس وأفتوكَ".

وعن زيد بن ثابت انه قال: "مَا شيءٌ أسهل مِن الوَرَع، إذا رابَكَ شيءٌ فَدَعهُ" وهذا سهل علي مَن سهَّلهُ الله، صعبٌ علي كثيرٍ مِن الناسِ أثقلُ من الجبالِ، وهذا شبيه بقول بعصْ سُلَماءِ الصُّدورِ: "لا شيءَ أسهل من صيد الأسد! قيل: وكيف ذاك؟! قال: واحدٌ يفتح رأس الجوالق، وآخر يكشكش"!


(١) رواه ابن أبي الدنيا في "الورع" (٥٦ رقم ٤٤) بنحوه، وذكره ابن رجب في "جامع العلوم" (١/ ٢٠٩).
(٢) رواه البخاري (٥/ ٤٣ رقم ٣٨٤٢) عن عائشة - رضي الله عنه - ولفظهُ: قالت: "كان لأبي بكر غُلامٌ يُخْرِجُ لهُ الخَرَاجَ، وكانَ أبو بكر يأكُلُ مِن خَراجِهِ، فجاءَ يومًا بشيءٍ فأكلَ منهُ أبو بكرٍ فقالَ لهُ الغُلامُ: تَدْرِي مَا هذا؟ فقالَ أبو بكر: ومَا هُوَ؟! قال: كنتُ تَكَهَّنْتُ لإنسانٍ في الجَاهِلِيَّةِ وَمَا أُحْسِنُ الكِهانةَ إلَّا أَنِّي خَدَعْتُهُ، فلَقِيني فأَعْطاني بذلكَ، فهذا الذي أَكَلتَ منهُ. فأَدْخَلَ أَبو بكرٍ يَدَهُ فَقاءَ كل شيء في بَطنِهِ" رضي الله عنه.
(٣) رواه ابن المبارك في "الزهد" (٢/ ١٩ رقم ٧٩ زيادات نعيم) عن أبي الدرداء - رضي الله عنه -.
(٤) رواه ابن أبي الدنيا في "الورع " (١٠٠ رقم ١٥٥).

<<  <   >  >>