للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثمَّ هذا الحديث يرجع من آي الكتاب إلى قوله تعالى: {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: ٥٧]، {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} [البقرة: ٢٦٧] أي: حلالًا، ليخرج الخبيث والمُحَرَّم.

ومِنَ السُّنَّةِ الحديث الذي ذَكَرناهُ ويأتي: "دَعْ مَا يَريبُكَ إلى مَا لَا يَريبُكَ".

وفي "الترمذي" مِن حديث عائذ بن عمرو مرفوعًا: "لَا يَبْلغُ أَحَد أَنْ يَكُونَ مِنَ المُتَّقين حتى يَدَعَ مَا لَا بَأْسَ بهِ حِذَارًا مِمَّا بهِ بَأسٌ" (١).

رابعهما: في ضَبْطِ ألفاظِهِ ومَعَانيه:

"الحرام": الممنوع منهُ شرعًا (٢)، والحلالُ ضِدُّه: وهو ما عُلِمَ أصله، أو ما لم يتبين حرمته وهو أسهل مِنَ الأول.

و"المُشْتَبِهات": ما تُردِّدَ بينَهُمَا، وقامت فيه شُبهَةُ الحِلِّ والحُرْمَة.

والمُراد: أن نوعهما بيِّن لا يَخْفَى، ثابتٌ بنُصوص الكتاب والسُّنة، يعرِفُهُ كلُّ أحدٍ، ولا يُحتَاجُ إلى تَعدادهِ.

والمُرادُ بقوله: "لَا يَعْلَمُهنَّ كثيرٌ مِنَ الناس" أنها ليسَتْ بِواضِحَةِ الحِلِّ ولا الحُرْمَة؛ فلهذا لا يَعْرِفُهَا كثيرٌ مِنهُم، وأمَّا العُلَمَاء فَيَعْرِفونَ حُكْمَها بِنَصٍّ


(١) رواه الترمذي (٤/ ٢٤٢ رقم ٢٤٥١)، وابن ماجه (٢/ ١٤٠٩ رقم ٤٢١٥)، وعبد بن حميد (١/ ٤٣٣ رقم ٤٨٣)، والطبراني في الكبير" (١٧/ ١٦٨ - ١٦٩ رقم ٤٤٦)، والحاكم (٤/ ٣١٩)، والقضاعي في "مسند الشهاب" (٢/ ٧٤ رقم ٩٠٩ - ٩١٢)، والبيهقي في "الشعب" (٧/ ٤٩٦ رقم ٥٣٦١)، و"السنن" (٥/ ٣٣٥) عن عَطيّة السَّعدي - رضي الله عنه - وليس عائذ بن عمرو كما ذكر المؤلف. والحديث فيه عبد الله بن يزيد ضعيف كما في "التقريب" (٥٥٨ رقم ٣٧٣٨) وقد ضعّفه الألباني في "غاية المرام" (١٣٠ رقم ١٧٨) وفي "السنن"، و"ضعيف الترغيب" (١/ ٥٣٤ رقم ١٠٨١).
(٢) كُتِبَ في هامِشِ الأصل: "الحرام ما يُثابُ علي تركهِ، ويُعاقَبُ علي فِعلهِ".

<<  <   >  >>