للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكذا إذا وجبَ إزالةُ مُنْكَراتٍ قدرَ على البَعْض، وما يُباح للاضطرار ولا يدخلُ في النَّهي فإنه أذن فيه، وكذا الإكراه على الرِّدَّةِ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بالإيمان ونحو ذلك.

والمَأْمُورُ به مُتَوَقِّفٌ على فِعْلٍ، بِخِلاف المنهي عنه فإنَّهُ كفٌّ مَحْضٌ؛ فلذا قال: "واجْتَنِبُوهُ"، وقال في الأوَّل: "فأْتُوا مِنْهُ ما اسْتَطَعْتُم".

سادِسُها: كثرةُ المسائل المراد بها عن غير ضَرُورةٍ، وقَدْ نُهِيَ عن الأغلوطات في الدِّين (١)، وكثرةُ الاختِلاف يُؤَدِّي إلى التَّفَرُّق، ومَقصُودُ الشَّارعِ عَدَمُهُ.

سابعُهَا: هذا الحديثُ مِنْ خِطابِ المشافهة، ولا يعمُّ بذاته؛ وإنما هو مِن باب: حُكْمِي على الواحد حُكمي على الجماعة.

خاتمة: مَا رواه مُسْلِمٌ في ذِكْرِ الحَجِّ يَسْتَدِلُّ بهِ مَن يقول: إِنَّ الأمرَ لا يَقْتَصي التَّكرارَ، وهو الأصح، وقيل: يقتضيه، وقيل: يُتَوَقَّف، فما زاد على مَرَّة على البيان.

ويَسْتَدِلُّ به -أيضًا- مَنْ يَقُولُ أنه -عليهِ الصَّلاةُ والسلام- لهُ أنْ يَجْتَهِدَ في الأحكام.


(١) الأغلوطات: "هي شِدَادُ المَسَائِل" كما قال الأوزاعي، وقال -رحمه الله-: "إنَّ اللهَ إذا أراد أن يَحرم عبدَهُ بركَةَ العِلم ألقى على لسانه المغاليط، فلقد رأيتهم أقل الناس عِلْمًا".
انظر: "الفقيه والمتفقه" للخطيب (٢/ ٢٠، ٣٠٣)، و"الشريعة" للآجري (١/ ٤٨٦)،
و"المدخل" للبيهقي (١/ ٢٧٠ - ٢٧٤)، و"الآداب الشرعية" لابن مفلح (٢/ ٧٧ - ٨١)، و"فتح الباري" (١٣/ ٢٧٧، ٢٧٨)، (١/ ١٧٧).
لطيفة: روى البيهقي في "المدخل" (١/ ٢٧٢ رقم ٣٠٨) أن رجلًا -من أصحاب المغاليط- قال للشَّعبي: إني خبأتُ لكَ مسائلَ! فقال الشعبي له: "أَخْبئْهَا لإبْليس حتى تلقاهُ فتسأله عنها"!

<<  <   >  >>