للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشَّرعُ لا الطَّعم اللذيذ، والطعم من غير المباح، وقال: {وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا} [المزمل: ١٣]، وفي الحديث: "مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فيهِ غيْرِي تركْتُهُ وشِرْكَهُ" (١).

وفي آخَر: "مَنْ صَلَّى في ثوبٍ قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِم فيهِ دِرْهَمُ حَرَامٍ لمْ تُقْبَل لهُ صَلاةٌ" أخرجه أحمد (٢).

وإنَّمَا لَمْ تُقْبَل الصَّدَقةِ مِنَ المَالِ الحَرام؛ لأنَّهُ ممنُوعٌ مِنَ التَّصَرُّفِ فيه؛ ولأنَّ أكلَهُ يُفْسِدُ القَلْبَ، فَيُحْرَم الرِّقة والإخلاص.

وهل القَبول مِنْ لَوَازِمِ الصِّحةِ أَمْ لا؟ فيهِ بَحْثٌ (٣).

وقوله: "إِنَّ اللهَ أمَر المُؤمِنين بِمَا أَمَرَ به المُرسلين" أي: سَوَّى بينهم في الخِطَاب بِوُجُوبِ أكلِ الحَلال، وكذا أمَّتهم معهم، وفي العبادة -أيضًا- إلَّا مَا قامَ الدَّليلُ على تخصيصِهم به؛ لأنَّ الجميع عبادُهُ ومَأْمُورُونَ بِعِبَادَتِهِ.

ومعنى: {رَزَقْنَاكُمْ} هنا: مَلَّكْنَاكُمْ، وقد تكون في موضعٍ آخر بمعنى: نَفَعْنَاكُمْ. والرِّزقُ عِندَنا: مَا فَتَحهُ الله لَنَا مِنْ حَلالٍ أو حرامٍ، والمعتزلة خَصّوهُ بالحلال، واللغةُ لا تقتَضِيه (٤).


(١) رواه مسلم (٤/ ٢٢٨٩ رقم ٢٩٨٥) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) في "المسند" (١٠/ ٢٤ رقم ٥٧٣٢)، وعبد بن حميد في "المنتخب" (٢/ ٥١ رقم ٨٤٧) عن ابن عمر - رضي الله عنه -. وإسنادهُ ضعيف فيه بقية بن الوليد، وعثمان بن زُفَر، وهاشم الأوقص -وهو ضالٌّ غير ثقة-. والحديث له طرق أخرى مدارها على الأوقص وهو كما عرفتَ. وقد نقل الزيلعي في "نصب الراية" (٢/ ٣٢٥): عن أبي طالب قال: سألتُ أبا عبد الله -الإمام أحمد- عن هذا الحديث فقال: "ليس بشيء، ليس له إسناد".
وضعَّفه الألباني في "السلسلة الضعيفة" (٢/ ٢٤٠ رقم ٨٤٤).
(٣) انظر: "الإحكام" (١٦٥) لابن دقيق العيد، و"المنهج المبين" للفاكهاني (٢٨٠ - ٢٨٢).
(٤) قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رَحِمه الله- في "رسالة في إهداء الثواب للنبي - صلى الله عليه وسلم -" (٧١ - ٧٢): [وطبعت ضمن "جامع المسائل" (٤/ ٢٦٥ - ٢٦٦)]: "واسم الرزق في كتاب الله: يُرادُ =

<<  <   >  >>