للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خامِسُها: لم يستثن مع الثلاث قاطِع الطَّريقِ؛ لأنَّه قد اختُلِفَ أَنَّ قَتْلَهُ يُغَلَّب فيه القِصاص أم لا؟ وهل "أو" (١) فيه للتَّنْوِيع أو للتَّخْيِير؟ ولم يقتلوا إلَّا قاتلًا.

سادسها: مفهومُ الحديث حِلُّ دمِ الكافر بدُونها حَرْبِيًّا كان أو ذِمِّيًا، لكن الذِّمِّي خرجَ بدليلٍ (٢)، فبَقِيَ الحربيّ.

سابعها: عمومُ النَّفس بالنَّفس يَقتَضِي أَنَّهُ لا فرقَ في القِصَاص بينَ المُثَقَّل والمُحَدد (٣).

وقال أبو حنيفة -رحمه الله-: "لا قِصاصَ في المُثَقَّل ولو رماهُ بِأبا قُبيس"! (٤)

هكذا لفظه: بـ "أبا قبيس" (٥)، وهو لغة في "أبا"مثل عصا!!


(١) لعله يريد "أو" التي في قوله -عزَّ وجلَّ-: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة: ٣٣].
(٢) جاء بمعناه عِدَّةُ أحاديث، منها: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ قتلَ مُعَاهدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الجَنةِ ... ". رواه البُخاريّ (٤/ ٩٩ رقم ٣١٦٦) عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما -.
ورواه أحمد (١١/ ٣٥٦ رقم ٦٧٤٥)، والنسائي (٨/ ٢٥ رقم ٤٧٥٠)، وفي "الكبرى" (٤/ ٣٣٦ رقم ٦٩٢٦) بلفظ: "مَنْ قَتَلَ قتيلًا مِنْ أهْلِ الذمةِ لم يَرَح .. " الحديث.
(٣) المُحَدَّد: هو ما يقطع ويدخل في البدن كالسيف والسكين ونحوهما.
والمثقل: هو كل ثقيل كالمطرقة، والحجر الثقيل، والخشب الكبير.
وجماهير الفقهاء على أنَّ القتلَ بأحدِ هذين -المحدد والمثقل- يعتبرُ من العَمْد، خلافًا لأبي حنيفة، وهو محجوج بما في "الصحيحين" [البخاري (٣/ ١٢١ رقم ٢٤١٣)، ومسلم (٣/ ١٣٠٠ رقم ١٦٧٢/ ١٧)] مِن حديث أنس في اليهودي الذي قتل الجارية بحَجَر، فَقَتلَهُ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بين حَجَرَيْن.
انظر: "الموسوعة الفقهية" (٣٢/ ٣٣٧ - ٣٣٩).
(٤) انظر: "تأويل مختلف الحديث" لابن قُتيبة (٢٧٦). وانظر -في هذه المسألة-: "حاشية ابن عابدين" (٦/ ٥٢٩).
(٥) روى الزجاجي في "مجالس العلماء" (٢٣٧) أنَّ أبا عمرو بن العلاء سمِعَ أبا حنيفة يُبطِل القَوَد إلَّا مَا كان قتلًا بحديد! فقال لهُ أبو عمرو: أرأيتَ إنْ ضَرَبَهُ بكذا، أرأيتَ إن ضربه بكذا؟ قال أبو حنيفة: لو ضَرَبَهُ بأبو قبيس! لم يكن عليه قَوَد. فقال أبو عمرو: هذا كلام شَنع. قال: وما الشَّنِع؟ قال: ولا تعرِف الشَّنِع أيضًا"؟!

<<  <   >  >>