للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهو مِن سِيما النَّبيين والمُرْسَلين وخصوص المؤمنين، ويكفي في ذلك مَدْحُ الباري -سبحانه وتعالى- نبيَّه محمدًا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١): {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: ٤]. قال الجوهري: "الخُلُق: السَّجِيَّة.

يقالُ: "خَالِصِ (٢) المُؤْمِن، وخَالِقِ الفَاجِرَ". وفلانٌ يَتَخَلَّقُ بِغَيْرِ خُلُقِهِ، أَي: يَتَكَلَّفهُ.

قال الشَّاعر:

..................... ... إنَّ التَّخَلُّقَ يأتي دُونَهُ الخُلُق" (٣)

والخُلُق وإنْ كان سجيَّةً في الأصل فيتخلَّق، وإن كان بغير خلقه حتَّى يتَّصف بالأخلاق الجميلة الرَّضيَّة الزَّكِيَّة.

قال بعضُ الحُكَماء: "عليكَ بالخُلُقِ مع الخَلْقِ، وبالصِّدق مع الحَقِّ".

وحسن الخلق خير كُلُّه، والعبد لا يؤمر بما طُبِعَ عليه؛ فإنَّهُ تحصيلُ حاصل، فكذا أَمَرَ الشَّارع -صلوات الله وسلامه عليه- بِتَحْصيلِهِ وبِكَسبه.

خاتِمة: قد يُستَدَلُّ به على اكتساب الولاية وإلَّا لم يصح الأمر بها، والجمهور على أنها مَوْهِبةٌ كالنبوَّةِ؛ نعم التحقيق أنها مُتَرَتِّبةٌ على زَكاةِ النَّفس وصلاح العمل، كالرزق فَضلُ الله، وهو مُرَتَّب على الأسباب والأكساب التي جرت بها العادة في حصول الرزق، وكما قال تعالى: {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ} [الملك: ١٥]، وقال: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا}


(١) بعدها: "صلوات الله وسلامه عليه" وهو تكرار للصلاة.
(٢) في الأصل: "خالق" والتصويب من "الصحاح" و"اللسان".
(٣) "الصحاح" للجوهري (٤/ ١٤٧١). وصدرُ البيت: "يا أيها المتَحلِّي غيرَ شِيمَتِهِ .. " وهو لسالم بن وابِصَة كما في "لسان العرب" (١٠/ ٨٧).

<<  <   >  >>