للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[السجدة:٢٤]، وقال تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [الأنبياء: ٩٠] عَلَّلَ ما مَنَّ بهِ عليهم من مسارعتهم إلى الخيرات وما بعده (١).

يُريدُ المَرْءُ أنْ يُعْطَى مُناهُ ... ويَأْبى اللهُ إلَّا ما أرادَا

يقُولُ المرء فائِدَتي ومَالي ... وتقوى اللهِ أفضلُ ما اسْتَفادَا (٢)

أُخرى: صحَّ أنه -عليه الصَّلاة والسلام- قال: "إنَّ خِيَارَكُمْ أحاسِنُكُمْ أخلاقًا" كما سلف.

وقال -أيضًا- صلوات الله وسلامه عليه: "اللَّهم كمَا حَسَّنتَ خَلقي


(١) الولي كُلُّ مؤمن تقي، كما قال الله تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يونس]، والعبد قادرٌ على تحصيل هذه المنزلة؛ لأنَّ الله أَمَرَ وحثَّ على تحصيلها، ولو لم يَقْدِر العبدُ على تحصيلها لكان أمرًا بما لا قدرةَ للعبد عليه، وهذا عبثٌ يُنَزَّهُ المولى الجليل عنه، وفي "البُخاريّ" [٨/ ١٠٥ رقم ٦٥٠٢]: "مَنْ عَادَى لي وَليًّا فقد آذنتُهُ بالحَربِ، وَمَا تَقَرَّبَ إلى عَبدِي بشيءٍ أَحَبَّ إليَّ مِمَّا افتَرَضْتُهُ عليه" الحديث، فكل من عَمِل بما في هذا الحديث فقد وَصَلَ إلى درجةِ الولاية، ومن خير أولياء الله الرسل والأنبياء، ومَن تَبِعَهُم كأصحاب النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وعلماء هذه الأمة المبارَكين المتَّبعين للسُّنة، والزُّهَّاد والعُبَّاد، بل حتَّى يوجد في التُجار والزُّراع مَن هم أولياءُ لله، لكن لا يوجد في أهل البدع الظاهرة أولياءُ لله. وليست الولاية كالنبوَّة فإنَّ النبوة فَضلٌ مِن الله يختَصُّ به مَن يشاء من عباده، قال سبحانه: {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (٣١) أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [الزخرف] ومعلومٌ أنه لم يدَّع أن النبوة مكتسبةٌ إلَّا الزنادِقة.
انظر: "الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان" لشيخ الإسلام ابن تيمية (٧٦، ٩٠، ١١٣، ١٢١، ١٢٨، ١٩٠)، و"قطر الولي" للشوكاني (٢٣٧، ٢٧٨، ٣٦٩).
(٢) البيتان لأبي الدرداء - رضي الله عنه -، كما في "حلية الأولياء" لأبي نعيم (١/ ٢٢٥).

<<  <   >  >>