للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأُورد على هذا قوله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [النور: ٣٥]، {وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا} [الزمر: ٦٩].

وأُجيب بأنَّ معنى "نور": مُنَوِّر.

وأُورِدَ ببقاء السؤال، ولم يقل: مضيء.

فأُجيب بأنَّ النور أعمُّ وأشمَل؛ لأنَّهُ يكونُ ليلًا ونهارًا، والضياء ليسَ إلَّا نهارًا بالشمس، على أنَّ المراد بالنور: الهِداية؛ أي: هادي أهلها، والعادة الجارية لغةً وشرعًا أن يُقال: نور الهداية، لَا ضَوْء الهداية، وبذلِكَ استعمل في الكتاب والسنة نحو: {يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [البقرة: ٢٥٧]، {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ (٤٠)} [النور: ٤٠].

وأَمَّا الجواب عن {وَأَشْرَقَتِ} فهو أَنَّ الضوء كالوصف على النُّور، وإِنَّمَا يَحْتاجُ إلى النور المخلوق الناقص.

أَمَّا نور الرب تعالى فهو قديم كامِلٌ لا يحتاج إلى معنى زائد يضيء به، كما أنَّ القديم لِذاته لا يحتاج إلى عِلَّةٍ (١) تُوجِده، ويحتمل أَنَّ المعنى: أشرقت ملائكة ربِّها، أو بعدل ربِّها (٢)؛ بدليل أنَّ الأرض لو أشرق عليها نور الرب -جل جلاله- لاضطَرَبت وتصَدَّعت كالجبل لَمَّا تجلى له، ولا يلزم مِن نور الملائكة والعدل أن يكون ضوءًا.

والفرق في الحديث: أنَّ الصَّبْرَ أحسن من الصلاة؛ لاشتماله على الصلاة وغيرها من الطاعات، أو تعلقه بذلك؛ إذ هو: حَبْسُ النَّفس على الطاعةِ وعن


(١) في الأصل كأنها كُتبت "علة" لكن ضرب عليها الناسخ وصوبها إلى: "أحد يوجده" والتصويب من "التعيين" (١٧٩) لأنه من قوله "لم فرّق بين النور ... " إلى آية الزمر مِنهُ.
(٢) يعني: أن الأرض أشرقت بنور ملائكة ربها، أو بنور عدل ربها. انظر: "التعيين" (١٧٩).

<<  <   >  >>